وب سایت رسمی مجمع جهانى تقريب مذاهب اسلامى

اهم اخبار تقریب مذاهب اسلامی

مجمع جهانى تقريب مذاهب اسلامى
سایت رسمی مجمع جهانى تقريب مذاهب اسلامى

ومراد الله تعالى من هذا هو الإمهال لهم لعلهم يتذكرون الله ويوحدونه فتطهر نفوسهم فابتلاهم الله بالضر والخير ليستقصي لهم سببي التذكر والخوف لأن من النفوس نفوسا تقودها الشدة ونفوسا يقودها اللين .
ومعنى الأخذ هنا الإهلاك . ولذلك لم يذكر له متعلق كما ذكر في قوله آنفا ( فأخذناهم بالبأساء والضراء ) للدلالة على أنه أخذ لا هوادة فيه .
والبغتة فعلة من البغت وهو الفجأة أي حصول الشيء على غير ترقب عند من حصل له وهي تستلزم الخفاء . فلذلك قوبلت بالجهرة في الآية الآتية . وهنا يصح أن يكون مؤولا باسم الفاعل منصوبا على الحال من الضمير المرفوع أي مباغتين لهم أو مؤولا باسم المفعول على أنه حال من الضمير المنصوب أي مبغوتين ( وكذلك أخذ ربك إذا أخذ القرى وهي ظالمة ) .
وقوله ( فإذا هم مبلسون ) ( إذا ) فجائية . وهي ظرف مكان عند سيبويه وحرف عند نحاة الكوفة .
والمبلسون اليائسون من الخير المتحيرون وهو من الإبلاس وهو الوجوم والسكوت عند طلب العفو يأسا من الاستجابة .
وجملة ( فقطع دابر القوم ) معطوفة على جملة ( أخذناهم ) أي فأخذناهم أخذ الاستئصال . فلم يبق فيهم أحدا .
والدابر اسم فاعل من دبره من باب كتب إذا مشى من ورائه . والمصدر الدبور بضم الدال ودابر الناس آخرهم وذلك مشتق من الدبر وهو الوراء قال تعالى ( واتبع أدبارهم ) . وقطع الدابر كناية عن ذهاب الجميع لأن المستأصل يبدأ بما يليه ويذهب يستأصل إلى أن يبلغ آخره وهو دابره وهذا مما جرى مجرى المثل وقد تكرر في القرآن كقوله ( أن دابر هؤلاء مقطوع مصبحين ) .
والمراد بالذين ظلموا المشركون فإن الشرك أعظم الظلم لأنه اعتداء على حق الله تعالى على عباده في أن يعترفوا له بالربوبية وحده وأن الشرك يستتبع مظالم عدة لأن أصحاب الشرك لا يؤمنون بشرع يزع الناس عن الظلم .
وجملة ( والحمد لله رب العالمين ) يجوز أن تكون معطوفة على جملة ( ولقد أرسلنا إلى أمم من قبلك ) بما اتصل بها . عطف غرض على غرض . ويجوز أن تكون اعتراضا تذييليا فتكون الواو اعتراضية . وأياما كان موقعها ففي المراد منها اعتبارات ثلاثة : أحدها أن تكون تلقينا للرسول A والمؤمنين أن يحمدوا الله على نصره رسله وأولياءهم وإهلاك الظالمين لأن ذلك النصر نعمة بإزالة فساد كان في الأرض ولأن في تذكير الله الناس به إيماء إلى ترقب الإسوة بما حصل لمن قبلهم أن يترقبوا نصر الله كما نصر المؤمنين من قبلهم ؛ فيكون ( الحمد لله ) مصدرا بدلا من فعله عدل عن نصبه وتنكيره إلى رفعه وتعريفه للدلالة على معنى الدوام والثبات كما تقدم في قوله تعالى ( الحمد لله ) في سورة الفاتحة .
ثانيها أن يكون ( الحمد لله ) كناية عن كون ما ذكر قبله نعمة من نعم الله تعالى لأن من لوازم الحمد أن يكون على نعمة فكأنه قيل : فقطع دابر القوم الذين ظلموا . وتلك نعمة من نعم الله تقتضي حمده .
ثالثها أن يكون إنشاء حمد لله تعالى من قبل جلاله مستعملا في التعجيب من معاملة الله تعالى إياهم وتدريجهم في درجات الإمهال إلى أن حق عليهم العذاب .
ويجوز أن يكون إنشاء الله تعالى ثناء على نفسه تعريضا بالامتنان على الرسول والمسلمين . واللام في ( الحمد ) للجنس أي وجنس الحمد كله الذي منه الحمد على نعمة إهلاك الظالمين .
وفي ذلك كله تنبيه على أنه يحق الحمد لله عند هلاك الظلمة لأن هلاكهم صلاح للناس والصلاح أعظم النعم وشكر النعمة واجب . وهذ الحمد شكر لأنه مقابل نعمة . وإنما كان هلاكهم صلاحا لأن الظلم تغيير للحقوق وإبطال للعمل بالشريعة فإذا تغير الحق والصلاح جاء الدمار والفوضى وافتتن الناس في حياتهم فإذا هلك الظالمون عاد العدل وهو ميزان قوام العالم .
أخرج أحمد بن حنبل عن عقبة بن عامر عن النبي صلى الله عليه وسلم قال : إذا رأيت الله يعطي العبد من الدنيا على معاصيه ما يحب فإنما هو استدراح ثم تلا رسول الله صلى الله عليه وسلم ( فلما نسوا ما ذكروا به فتحنا عليهم أبواب كل شيء حتى إذا فرحوا بما أوتوا أخذناهم بغتة فإذا هم مبلسون فقطع دابر القوم الذين ظلموا والحمد لله رب العالمين ) .
A E