وب سایت رسمی مجمع جهانى تقريب مذاهب اسلامى

اهم اخبار تقریب مذاهب اسلامی

مجمع جهانى تقريب مذاهب اسلامى
سایت رسمی مجمع جهانى تقريب مذاهب اسلامى

ومن ا لمفسرين من جعل معنى قوله ( ولكن أكثرهم لا يعلمون ) أنهم لا يعلمون أن إنزال الآية على وفق مقترحهم يعقبها الاستئصال إن لم يؤمنوا وهم لعنادهم لا يؤمنون . إلا أن ما فسرتها به أولى لئلا يكون معناها إعادة لمعنى الآية التي سبقتها وبه يندفع التوقف في وجه مطابقة الجواب لمقتضى السؤال حسبما توقف فيه التفتزاني في تقرير كلام الكشاف .
وقوله ( ولكن أكثرهم لا يعلمون ) تنبيه على أن فيهم من يعلم ذلك ولكنه يكابر ويظهر أنه لا يتم عنده الاستدلال إلا على نحو ما اقترحوه .
وإعادة لفظ ( آية ) بالتنكير في قوله ( أن ينزل آية ) من إعادة النكرة نكرة وهي عين الاولى . وهذا يبطل القاعدة المتداولة بين المعربين من أن اللفظ المنكر إذا أعيد في الكلام منكرا كان الثاني غير الأول . وقد ذكرها ابن هشام في مغني اللبيب في الباب السادس ونقضها . ومما مثل به " لإعادة النكرة نكرة وهي عين الأولى لا غيرها قوله تعالى ( الله الذي خلقكم من ضعف ثم جعل من بعد ضعف قوة ) . وقد تقدم ذلك عند قوله تعالى ( فلا جناح عليهما أن يصالحا بينهما صلحا والصلح خير ) في سورة النساء .
( وما من دابة في الأرض ولا طائر يطير بجناحيه إلا أمم أمثالكم ما فرطنا في الكتب من شيء ثم إلى ربهم يحشرون [ 38 ] ) معنى هذه الآية غامض بدءا . ونهايتها أشد غموضا وموقعها في هذا السياق خفي المناسبة . فاعلم أن معنى قوله ( وما من دابة في الأرض إلى قوله إلا أمم أمثالكم ) أن لها خصائص لكل جنس ونوع منها كما لأمم البشر خصائصها أي جعل الله لكل نوع ما به قوامه وألهمه اتباع نظامه وأن لها حياة مؤجلة لا محالة .
فمعنى ( أمثالكم ) المماثلة في الحياة الحيوانية وفي اختصاصها بنظامها .
وأما معنى قوله ( ثم إلى ربهم يحشرون ) أنها صائرة إلى الموت . ويعضده ما روي عن ابن عباس : حشر البهائم موتها أي فالحشر مستعمل في مجاز قريب إلى حقيقته اللغوية التي في نحو قوله تعالى ( وحشر لسليمان جنوده ) . فموقع هذه الآية عند بعض المفسرين أنها بمنزلة الدليل على مضمون قوله تعالى ( قل إن الله قادر على أن ينزل آية ولكن أكثرهم لا يعلمون ) فيجوز أن تكون معطوفة على جملة ( إن الله قادر على أن ينزل آية ) على أنها من جملة ما أمر النبي بأن يقوله لهم ؛ ويجوز أن تكون معطوفة على جملة ( قل إن الله قادر ) على أنها من خطاب الله لهم . أي أن الذي خلق أنواع الأحياء كلها وجعلها كالأمم ذات خصائص جامعة لأفراد كل نوع منها فكان خلقها آية على عظيم قدرته لا يعجزه أن يأتي بآية حسب مقترحكم ولكنكم لا تعلمون الحكمة في عدم إجابتكم لما سألتم .
ويكون تعقيبه بقوله تعالى ( والذين كذبوا بآياتنا صم وبكم ) الآية واضح المناسبة أي لا يهتدون إلى ما في عوالم الدواب والطير من الدلائل على وحدانية الله .
وأما قوله ( ثم إلى ربهم يحشرون ) فإن نظرنا إليه مستقبلا بنصه غير ملتفتين إلى ما نيط به من آثار مروية في تفسيره ؛ فأول ما يبدو للناظر أن ضميري ( ربهم ) و ( يحشرون ) عائدان إلى ( دابة ) و ( طائر ) باعتبار دلالتهما على جماعات الدواب والطير لوقوعهما في حيز حرف ( من ) المفيدة للعموم في سياق النفي فيتساءل الناظر عن ذلك وهما ضميران موضوعان للعقلاء . وقد تأولوا لوقوع الضميرين على غير العقلاء بوجهين : أحدهما أنه بناء على التغليب إذ جاء بعده ( إلا أمم أمثالكم ) . الوجه الثاني أنهما عائدان إلى ( أمم أمثالكم ) أي أن الأمم كلها محشورة إلى الله تعالى .
وأحسن من ذلك تأويلا أن يكون الضميران عائدين إلى ما عادت إليه ضمائر الغبيبة في هذه الآيات التي آخرها ضمير ( وقالوا لولا نزل عليه آية من ربه ) فيكون موقع جملة ( ثم إلى ربهم يحشرون ) موقع الإدماج والاستطراد مجابهة للمشركين بأنهم محشورون إلى الله لا محالة وإن أنكروا ذلك .
A E