وب سایت رسمی مجمع جهانى تقريب مذاهب اسلامى

اهم اخبار تقریب مذاهب اسلامی

مجمع جهانى تقريب مذاهب اسلامى
سایت رسمی مجمع جهانى تقريب مذاهب اسلامى

وبيان ذلك أن الله تعالى نصب الآيات دلائل مناسبة للغرض المستدل عليه كما يقول المنطقيون : إن المقدمات والنتيجة تدل عقلا على المطلوب المستدل عليه وإن النتيجة هي عين المطلوب في الواقع وإن كانت غيره في الاعتبار ؛ فلذلك نجد القرآن يذكر الحجج على عظيم قدرة الله على خلق الأمور العظيمة كإخراج الحي من الميت وإخراج الميت من الحي في سياق الاستدلال على وقوع البعث والحشر . ويسمي تلك الحجج آيات كقوله ( وهو الذي أنشأكم من نفس واحدة فمستقر ومستودع قد فصلنا الآيات لقوم يفقهون ) وكما سيجيء في أول سورة الرعد ( الله الذي رفع السماوات بغير عمد ترونها ) . وذكر في خلال ذلك تفصيل الآيات إلى قوله ( وإن تعجب فعجب قولهم أإذا كنا ترابا إنا لفي خلق جديد ) . وكذلك ذكر الدلائل على وحدانية الله باستقلاله بالخلق كقوله ( وخلق كل شيء وهو بكل شيء عليم ذلكم الله ربكم لا إله إلا هو خالق كل شيء فاعبدوه إلى قوله وكذلك نفصل الآيات وليقولوا درست ) الخ وكقوله في الاستدلال على انفراده بأنواع الهداية ( وهو الذي جعل لكم النجوم لتهتدوا بها في ظلمات البر والبحر قد فصلنا الآيات لقوم يعلمون ) . ولما كان نزول القرآن على الرسول E حجة على صدقه في إخباره أنه منزل من عند الله لما اشتمل عليه من العلوم وتفاصيل المواعظ وأحوال الأنبياء والأمم وشرع الأحكام مع كون الذي جاء به معلوم الأمية بينهم قد قضى شبابه بين ظهرانيهم جعله آية على صدق الرسول E فيما أخبر به عن الله تعالى فسماه آيات في قوله ( وإذا تتلى عليهم آياتنا بينات تعرف في وجوه الذين كفروا المنكر يكادون يسطون بالذين يتلون عليهم آياتنا ) فلم يشأ الله أن يجعل الدلائل على الأشياء من غير ما يناسبها .
أما الجهلة والضالون فهم يرومون آيات من عجائب التصاريف الخارقة لنظام العالم يريدون أن تكون علامة بينهم وبين الله على حسب اقتراحهم بأن يحييهم إليها إشارة منه إلى أنه صدق الرسول فيما بلغ عنه فهذا ليس من قبيل الاستدلال ولكنه من قبيل المخاطرة ليزعموا أن عدم إجابتهم لما اقترحوه علامة على أن الله لم يصدق الرسول A في دعوى الرسالة . ومن أين لهم أن الله يرضى بالنزول معهم إلى هذا المجال ولذلك قال تعالى ( قل إن الله قادر على أن ينزل آية ولكن أكثرهم لا يعلمون ) أي لا يعلمون ما وجه الارتباط بين دلالة الآية ومدلولها . ولذلك قال في الرد عليهم في سورة الرعد ( ويقول الذين كفروا لولا أنزل عليه آية من ربه إنما أنت منذر ) فهم جعلوا إيمانهم موقوفا على أن تنزل آية من السماء . وهم يعنون أن تنزيل آية من السماء جملة واحدة . فقد قالوا ( لولا نزل عليه القرآن جملة واحدة ) وقالوا ( ولن نؤمن لرقيك حتى تنزل علينا كتابا نقرؤه ) . فرد الله عليهم بقوله ( إنما أنت منذر ) أي لا علاقة بين الإنذار وبين اشتراط كون الإنذار في كتاب ينزل من السماء لأن الإنذار حاصل بكونه إنذارا مفصلا بليغا دالا على أن المنذر به ما اخترعه من تلقاء نفسه ولذلك رد عليهم بما يبين هذا في قوله ( وما كنت تتلو من قبله من كتاب ولا تخطه بيمينك إذن لارتاب المبطلون إلى قوله وقالوا لولا أنزل عليه آيات من ربه قل إنما الآيات عند الله وإنما أنا نذير مبين أو لم يكفهم أنا أنزلنا عليك الكتاب يتلى عليهم ) أي فما فائدة كونه ينزل في قرطاس من السماء مع أن المضمون واحد .
وقال في رد قولهم ( حتى تنزل علينا كتابا نقرؤه قل سبحان ربي هل كنت إلا بشرا رسولا ) . نعم إن الله قد يقيم آيات من هذا القبيل من تلقاء اختياره بدون اقتراح عليه وهو ما يسمى بالمعجزة مثل ما سمى بعض ذلك بالآيات في قوله ( في تسع آيات إلى فرعون وقومه ) فذلك أمر أنف من عند الله لم يقترحه عليه أحد . وقد أعطى نبينا محمدا A من ذلك كثيرا في غير مقام اقتراح من المعرضين مثل انشقاق القمر ونبع الماء من بين أصابعه وتكثير الطعام القليل ونبع الماء من الأرض بسهم رشقه في الأرض . هذا هو البيان الذي وعدت به عند قوله تعالى ( وقالوا لولا أنزل عليه ملك ) في هذه السورة .
A E