وب سایت رسمی مجمع جهانى تقريب مذاهب اسلامى

اهم اخبار تقریب مذاهب اسلامی

مجمع جهانى تقريب مذاهب اسلامى
سایت رسمی مجمع جهانى تقريب مذاهب اسلامى

وأخرج الترمذي عن ناجية بن كعب التابعي أن أبا جهل قال للنبي A لا نكذبك ولكن نكذب ما جئت به . فأنزل الله ( فإنهم لا يكذبونك ولكن الظالمين بآيات الله يجحدون ) . ولا أحسب هذا هو سبب نزول الآية . لأن أبا جهل إن كان قد قال ذلك فقد أراد الاستهزاء كما قال ابن العربي في العارضة : ذلك أنه التكذيب بما جاء به تكذيب له لا محالة فقوله : لا نكذبك استهزاء بإطماع التصديق .
A E ( ولقد كذبت رسل من قبلك فصبروا على ما كذبوا وأوذوا حتى أتهم نصرنا ولا مبدل لكلمت الله ولقد جاءك من نبأ المرسلين [ 34 ] ) عطف على جملة ( فإنهم لا يكذبونك ) أو على جملة ( ولكن الظالمين بآيات الله يجحدون ) . ويجوز أن تكون الواو واو الحال من الكلام المحذوف قبل الفاء أي فلا تحزن أو إن أحزنك ذلك فإنهم لا يكذبونك والحال قد كذبت رسل من قبلك . والكلام على كل تقدير تسلية وتهوين وتكريم بأن إساءة أهل الشرك لمحمد E هي دون ما أساء الأقوام إلى الرسل من قبله ؛ فإنهم كذبوا بالقول والاعتقاد وأما قومه فكذبوا بالقول فقط . وفي الكلام أيضا تأس للرسول بمن قبله من الرسل .
ولام القسم لتأكيد الخبر بتنزيل الرسول A منزلة من ذهل طويلا عن تكذيب الرسل لأنه لما أحزنه قول قومه فيه كان كمن بعد علمه بذلك . و ( من قبلك ) وصف كاشف ل ( رسل ) جيء به لتقرير معنى التأسي بأن ذلك سنة الرسل .
وفي موقع هذه الآية بعد التي قبلها إيماء لرجاحة عقول العرب على عقول من سبقهم من الأمم فإن الأمم كذبت رسلها باعتقاد ونطق ألسنتها والعرب كذبوا باللسان وأيقنوا بصدق الرسول E بعقولهم التي لا يروج عندها الزيف .
و ( ما ) مصدرية أي صبروا على التكذيب فيجوز أن يكون قوله ( وأوذوا ) عطفا على ( كذبوا ) وتكون جملة ( فصبروا ) معترضة . والتقدير : ولقد كذبت وأوذيت رسل فصبروا . فلا يعتبر الوقف عند قوله ( على ما كذبوا ) بل يوصل الكلام إلى قوله ( نصرنا ) وأن يكون عطفا على ( كذبت رسل ) أي كذبت وأوذوا . ويفهم الصبر على الأذى من الصبر على التكذيب لأن التكذيب أذى فيحسن الوقف عند قوله ( على ما كذبوا ) .
وقرن فعل ( كذبت ) بعلامة التأنيث لأن فاعل الفعل إذا كان جمع تكسير يرجح اتصال الفعل بعلامة التأنيث على التأويل بالجماعة . ومن ثم جاء فعلا ( فصبروا ) و ( كذبوا ) مقترنين بواو الجمع لأن فاعليهما ضميران مستتران فرجح اعتبار التذكير .
وعطف ( وأوذوا ) على ( كذبت ) عطف الأعم على الأخص والأذى أعم من التكذيب لأن الأذى هو ما يسوء ولو إساءة ما قال تعالى ( لن يضروكم إلا أذى ) ويطلق على التشديد منه . فالأذى اسم اشتق منه آذى إذا جعل له أذى وألحقه به . فالهمزة به للجعل أو للتصيير . ومصادر هذا الفعل أذى وأذاة وأذية . وكلها أسماء مصادر وليست مصادر . وقياس مصدره الإيذاء لكنه لم يسمع في كلام العرب . فلذلك قال صاحب القاموس : لا يقال : إيذاء . وقال الراغب : يقال : إيذاء . ولعل الخلاف مبني على الخلاف في أن القياسي يصح إطلاقه ولو لم يسمع في كلامهم أو يتوقف إطلاقه على سماع نوعه من مادته . ومن أنكر على صاحب القاموس فقد ظلمه . وأياما كان فالإيذاء لفظ غير فصيح لغرابته . ولقد يعد على صاحب الكشاف استعماله هنا وهو ما هو في علم البلاغة .
و ( حتى ) ابتدائية أفادت غاية ما قبلها وهو التكذيب والأذى والصبر عليهما فإن النصر كان بإهلاك المكذبين المؤذين فكان غاية للتكذيب والأذى وكان غاية للصبر الخاص وهو الصبر على التكذيب والأذى وبقي صبر الرسل على أشياء مما أمر بالصبر عليه .
والإتيان في قوله ( أتاهم نصرنا ) مجاز في وقوع النصر بعد انتظاره فشبه وقوعه بالمجيء من مكان بعيد كما يجيء المنادي المنتظر . وتقدم بيان هذا عند قوله تعالى ( وما تأتيهم من آية من آيات ربهم إلا كانوا عنها معرضين ) في هذه السورة .
وجملة ( ولا مبدل ) عطف على جملة ( أتاهم نصرنا )