وب سایت رسمی مجمع جهانى تقريب مذاهب اسلامى

اهم اخبار تقریب مذاهب اسلامی

مجمع جهانى تقريب مذاهب اسلامى
سایت رسمی مجمع جهانى تقريب مذاهب اسلامى

استئناف ابتدائي قصدت به تسلية الرسول صلى الله عليه وسلم وأمره بالصبر ووعده بالنصر وتأييسه من إيمان المتغالين في الكفر ووعده بإيمان فرق منهم بقوله ( ولو شاء الله لجمعهم على الهدى إلى قوله يسمعون ) . وقد تهيأ المقام لهذا الغرض بعد الفراغ من محاجة المشركين في إبطال شركهم وإبطال إنكارهم رسالة محمد صلى الله عليه وسلم والفراغ من وعيدهم وفضيحة مكابرتهم ابتداء من قوله ( وما تأتيهم من آية من آيات ربهم ) إلى هنا .
A E و ( قد ) تحقيق للخبر الفعلي فهو في تحقيق الجملة الفعلية بمنزلة ( إن ) في تحقيق الجملة الاسمية . فحرف ( قد ) مختص بالدخول على الأفعال المتصرفة الخبرية المثبتة المجردة من ناصب وجازم وحرف تنفيس ومعنى التحقيق ملازم له . والأصح أنه كذلك سواء كان مدخولها ماضيا أو مضارعا ولا يختلف معنى ( قد ) بالنسبة للفعلين . وقد شاع عند كثير من النحويين أن ( قد ) إذا دخل على المضارع أفاد تقليل حصول الفعل . وقال بعضهم : إنه مأخوذ من كلام سيبويه ومن ظاهر كلام الكشاف في هذه الآية . والتحقيق أن كلام سيبوية لا يدل إلا على أن ( قد ) يستعمل في الدلالة على التقليل لكن بالقرينة وليست بدلالة أصلية . وهذا هو الذي استخلصته من كلامهم وهو المعول عليه عندي . ولذلك فلا فرق بين دخول ( قد ) على فعل المضي ودخوله على الفعل المضارع في إفادة تحقيق الحصول كما صرح به الزمخشري في تفسير قوله تعالى ( قد يعلم ما أنتم عليه ) في سورة النور . فالتحقيق يعتبر في الزمن الماضي إن كان الفعل الذي بعد ( قد ) فعل مضي وفي زمن الحال أو الاستقبال إن كان الفعل بعد ( قد ) فعلا مضارعا مع ما يضم إلى التحقيق من دلالة المقام مثل تقريب زمن الماضي من الحال في نحو : قد قامت الصلاة . وهو كناية تنشأ عن التعرض لتحقيق فعل ليس من شأنه أن يشك السامع في أنه يقع ومثل إفادة التكثير مع المضارع تبعا لما يقتضيه المضارع من الدلالة على التجدد كالبيت الذي نسبه سيبوية للهذلي وحقق ابن بري أنه لعبيد بن الأبرص وهو : .
قد أترك القرن مصفرا أنامله ... كأن أثوابه مجت بفرصاد وبيت زهير : .
أخا ثقة لا تهلك الخمر ماله ... ولكنه قد يهلك المال نائله وإفادة استحضار الصورة كقول كعب : .
لقد أقوم مقاما لو يقوم به ... أرى وأسمع ما لو يسمع الفيل .
لظل يرعد إلا أن يكون له ... من الرسول بإذن الله تنويل أراد تحقيق حضوره لدى الرسول صلى الله عليه وسلم مع استحضار تلك الحالة العجيبة من الوجل المشوب بالرجاء .
والتحقيق أن كلام سيبويه بريء مما حملوه وما نشأ اضطراب كلام النحاة فيه إلا من فهم ابن مالك لكلام سيبويه . وقد رده عليه أبو حيان ردا وجيها .
فمعنى الآية علمنا بأن الذي يقولونه يحزنك محققا فتصبر . وقد تقدم لي كلام في هذه المسألة عند قوله تعالى ( قد نرى تقلب وجهك في السماء ) في سورة البقرة فكان فيه إجمال وأحلت على تفسير آية سورة الأنعام فهذا الذي استقر عليه رأيي .
وفعل ( نعلم ) معلق عن العمل في مفعولين بوجود اللام .
والمراد ب ( الذي يقولون ) أقوالهم الدالة على عدم تصديقهم الرسول صلى الله عليه وسلم كما دل عليه قوله بعده ( ولقد كذبت رسل ) فعدل عن ذكر اسم التكذيب ونحوه إلى اسم الموصول وصلته تنزيها للرسول E عن ذكر هذا اللفظ الشنيع في جانبه تلطفا معه .
وقرأ نافع وأبو جعفر ( ليحزنك ) بضم الياء وكسر الزاي . وقرأه الباقون بفتح الباء وضم الزاي يقال : أحزنت الرجل بهمزة تعدية لفعل حزن ويقال : حزنته أيضا . وعن الخليل : أن حزنته معناه جعلت فيه حزنا كما يقال : دهنته . وأما التعدية فليست إلا بالهمزة . قال أبو علي الفارسي : حزنت الرجل أكثر استعمالا وأحزنته أقيس . و ( الذي يقولون ) هو قولهم ساحر مجنون كاذب شاعر . فعدل عن تفصيل قولهم إلى إجماله إيجازا أو تحاشيا عن التصريح به في جانب المنزه عنه