وب سایت رسمی مجمع جهانى تقريب مذاهب اسلامى

اهم اخبار تقریب مذاهب اسلامی

مجمع جهانى تقريب مذاهب اسلامى
سایت رسمی مجمع جهانى تقريب مذاهب اسلامى

وهذا القصر ادعائي يقصد به المبالغة لأن الأعمال الحاصلة في الحياة كثيرة منها اللهو واللعب ومنها غيرهما قال تعالى ( إنما الحياة الدنيا لعب ولهو وزينة وتفاخر بينكم وتكاثر في الأموال والأول اد ) . فالحياة تشتمل على أحوال كثيرة منها الملائم كالأكل واللذات ومنها المؤلم كالأمراض والأحزان فأما المؤلمات فلا اعتداد بها هنا ولا التفات اليها لأنها ليست مما يرغب فيه الراغبون لأن المقصود من ذكر الحياة هنا ما يحصل فيها مما يحبها الناس لأجله وهو الملائمات .
وأما الملائمات فهي كثيرة ومنها ما ليس بلعب ولهو كالطعام والشراب والتدفئ في الشتاء والتبرد في الصيف وجمع المال عند المولع به وقرى الضيف ونكاية العدو وبذل الخير للمحتاج إلا أن هذه لما كان معظمها يستدعي صرف همة وعمل كانت مشتملة على شيء من التعب وهو منافر . فكان معظم ما يحب الناس الحياة لأجله هو اللهو واللعب لأنه الأغلب على أعمال الناس في أول العمر والغالب عليهم فيما بعد ذلك . فمن اللعب المزاح ومغازلة النساء ومن اللهو الخمر والميسر والمغاني والأسمار وركوب الخيل والصيد .
A E فأما أعمالهم في القربات كالحج والعمرة والنذر والطواف بالأصنام والعتيرة ونحوها فلأنها لما كانت لا اعتداد بها بدون الإيمان كانت ملحقة باللعب كما قال تعالى ( وما كان صلاتهم عند البيت إلا مكاء وتصدية ) وقال ( الذين اتخذوا دينهم لهوا ولعبا وغرتهم الحياة الدنيا ) .
فلا جرم كان الأغلب على المشركين والغالب على الناس اللعب واللهو إلا من آمن وعمل صالحا . فلذلك وقع القصر الادعائي في قوله ( وما الحياة الدنيا إلا لعب ولهو ) .
وعقب بقوله ( وللدار الآخرة خير للذين يتقون ) منه أن أعمال المتقين في الدنيا هي ضد اللعب واللهو لأنهم جعلت لهم دار أخرى هي خير وقد علم أن الفوز فيها لا يكون إلا بعمل في الدنيا فأنتج أن عملهم في الدنيا ليس اللهو واللعب وأن حياة غيرهم هي المقصورة على اللهو واللعب .
والدار محل إقامة الناس وهي الأرض التي فيها بيوت الناس من بناء أو خيام أو قباب . والآخرة مؤنث وصف الآخر بكسر الخاء وهو ضد الأول أي مقر الناس الأخير الذي لا تحول بعده .
وقرأ جمهور العشرة ( وللدار ) بلامين لام الابتداء ولام التعريف وقرأوا ( الآخرة ) بالرفع . وقرأ ابن عامر ( ولدار الآخرة ) بلام الابتداء فقط وبإضافة دار منكرة إلى الآخرة فهو من إضافة الموصوف إلى الصفة كقولهم : مسجد الجامع أو هو على تقدير مضاف تكون ( الآخرة ) وصفا له . والتقدير : دار الحياة الآخرة .
و ( خير ) تفضيل على الدنيا باعتبار ما في الدنيا من نعيم عاجل زائل يلحق معظمة مؤاخذة وعذاب .
وقوله ( للذين يتقون ) تعريض بالمشركين بأنهم صائرون إلى الآخرة لكنها ليست لهم بخير مما كانوا في الدنيا . والمراد ب ( الذين يتقون ) المؤمنون التابعون لما أمر الله به كقوله تعالى ( هدى للمتقين ) فإن الآخرة لهؤلاء خير محض . وأما من تلحقهم مؤاخذة على أعمالهم السيئة من المؤمنين فلما كان مصيرهم بعد إلى الجنة كانت الآخرة خيرا لهم من الدنيا .
وقوله ( أفلا تعقلون ) عطف بالفاء على جملة ( وما الحياة الدنيا ) إلى آخرها لأنه يتفرع عليه مضمون الجملة المعطوفة . والاستفهام عن عدم عقلهم مستعمل في التوبيخ إن كان خطابا للمشركين أو في التحذير إن كان خطابا للمؤمنين . على أنه لما كان استعماله في أحد هذين على وجه الكناية صح أن يراد منه الأمران باعتبار كلا الفريقين لأن المدلولات الكنائية تتعدد ولا يلزم من تعددها الاشتراك لأن دلالتها التزامية على أننا نلتزم استعمال المشترك في معنييه .
وقرأ نافع وابن عامر وحفص وأبو جعفر ويعقوب ( أفلا تعقلون ) بتاء الخطاب على طريقة الالتفات . وقرأه الباقون بياء تحتية فهو على هذه القراءة عائد لما عاد إليه ضمائر الغيبة قبله والاستفهام حينئذ للتعجيب من حالهم .
وفي قوله : ( للذين يتقون ) تأييس للمشركين .
( قد نعلم إنه ليحزنك الذي يقولون فإنهم لا يكذبونك ولاكن الظالمين بآيات الله يجحدون [ 33 ] )