وب سایت رسمی مجمع جهانى تقريب مذاهب اسلامى

اهم اخبار تقریب مذاهب اسلامی

مجمع جهانى تقريب مذاهب اسلامى
سایت رسمی مجمع جهانى تقريب مذاهب اسلامى

وقوله ( حتى إذا جاءتهم الساعة بغتة ) ( حتى ) ابتدائية وهي لا تفيد الغاية وإنما تفيد السببية كما صرح به ابن الحاجب أي فإذا جاءتهم الساعة بغتة . ومن ا لمفسرين من جعل مجيء الساعة غاية للخسران وهو فاسد لأن الخسران المقصود هنا هو خسرانهم يوم القيامة فأما في الدنيا ففيهم من لم يخسر شيئا . وقد تقدم كلام على ( حتى ) الابتدائية عند قوله تعالى ( وإن يروا كل آية لا يؤمنوا بها حتى إذا جاءوك يجادلونك ) في هذه السورة . وسيجيء لمعنى ( حتى ) زيادة بيان عند قوله تعالى ( فمن أظلم ممن افترى على الله كذبا أو كذب بآياته إلى قوله حتى إذا جاءتهم رسلنا ) في سورة الأعراف .
والساعة : علم بالغلبة على ساعة البعث والحشر .
والبغتة فعلة من البغت وهو مصدر بغتة الأمر إذا نزل به فجأة من غير ترقب ولا إعلام ولا ظهور شبح أو نحوه . ففي البغت معنى المجيء عن غير إشعار . وهو منتصب على الحال فإن المصدر يجيء حالا إذا كان ظاهرا تأويله باسم الفاعل وهو يرجع إلى الإخبار بالمصدر لقصد المبالغة .
A E وقوله ( قالوا ) جواب ( إذا ) . و ( يا حسرتنا ) نداء مقصود به التعجب والتندم وهو في أصل الوضع نداء للحسرة بتنزيلها منزلة شخص يسمع وينادي ليحضر كأنه يقول : يا حسرة احضري فهذا أوان حضورك . ومنه قولهم : يا ليتني فعلت كذا ويا أسفي أو يا أسفا كما تقدم آنفا .
وأضافوا الحسرة إلى أنفسهم ليكون تحسرهم لأجل أنفسهم فهم المتحسرون والمتحسر عليهم بخلاف قول القائل : يا حسرة فإنه في الغالب تحسر لأجل غيره فهو يتحسر لحال غيره . ولذلك تجيء معه ( على ) التي تدخل على الشيء المتحسر من أجله داخلة على ما يدل على غير التحسر كقوله تعالى ( يا حسرة على العباد ) فأما مع ( يا حسرتي أو يا حسرتا ) فإنما تجيء ( على ) داخلة على الأمر الذي كان سببا في التحسر كما هنا ( على ما فرطنا فيها ) . ومثل ذلك قولهم : يا ويلي ويا ويلتي قال تعالى ( ويقولون يا ويلتنا ) فإذا أراد المتكلم أن الويل لغيره قال : ويلك قال تعالى ( ويلك آمن ) ويقولون : ويل لك .
والحسرة : الندم الشديد وهو التلهف وهي فعلة من حسر يحسر حسرا من باب فرح ويقال : تحسر تحسرا . والعرب يعاملون اسم المرة معاملة مطلق المصدر غير ملاحظين فيه معنى المرة ولكنهم يلاحظون المصدر في ضمن فرد كمدلول لام الحقيقة ولذلك يحسن هذا الاعتبار في مقام النداء لأن المصدر اسم للحاصل بالفعل بخلاف اسم المرة فهو اسم لفرد من أفراد المصدر فيقوم مقام الماهية .
و ( فرطنا ) أضعنا . يقال : فرط في الأمر إذا تهاون بشيء ولم يحفظه أو في اكتسابه حتى فاته وأفلت منه . وهو يتعدى إلى المفعول بنفسه كما دل عليه قوله تعالى ( ما فرطنا في الكتاب من شيء ) . والأكثر أن يتعدى بحرف ( في ) فيقال فرط في ماله إذا أضاعه .
و ( ما ) موصولة ما صدقها الأعمال الصالحة . ومفعول ( فرطنا ) محذوف يعود إلى ( ما ) . تقديره : ما فرطناه وهم عام مثل معاده أي ندمنا على إضاعة كل ما من شأنه أن ينفعنا ففرطناه وضمير ( فيها ) عائد إلى الساعة . و ( في ) تعليلية أي ما فوتناه من الأعمال النافعة لأجل نفع هذه الساعة ويجوز أن يكون ( في ) للتعدية بتقدير مضاف إلى الضمير أي في خيراتها . والمعنى على ما فرطنا في الساعة يعنون ما شاهدوه من نجاة ونعيم أهل الفلاح . ويجوز أن يعود ضمير ( فيها ) على الحياة الدنيا فيكون ( في ) للظرفية الحقيقية .
وجملة ( وهم يحملون أوزارهم على ظهورهم ) في موضع الحال من ضمير ( قالوا ) أي قالوا ذلك في حال أنهم يحملون أوزارهم فهم بين تلهف على التفريط في الأعمال الصالحة والإيمان وبين مقاساة العذاب على الأوزار التي اقترفوها أي لم يكونوا محرومين من خير ذلك اليوم فحسب بل كانوا مع ذلك متعبين مثقلين بالعذاب .
والأوزار جمع وزر بكسر الواو وهو الحمل الثقيل وفعله وزر يزر إذا حمل . ومنه قوله هنا ( ألا ساء ما يزرون ) . وقوله ( ولا تزر وازرة وزر أخرى ) . وأطلق الوزر على الذنب والجناية لثقل عاقبتها على جانيها