وب سایت رسمی مجمع جهانى تقريب مذاهب اسلامى

اهم اخبار تقریب مذاهب اسلامی

مجمع جهانى تقريب مذاهب اسلامى
سایت رسمی مجمع جهانى تقريب مذاهب اسلامى

وقوله ( ولو ردوا لعادوا لما نهوا عنه ) ارتقاء في إبطال قولهم حتى يكون بمنزلة التسليم الجدلي في المناظرة أي لو أجيبت أمنيتهم وردوا إلى الدنيا لعادوا للأمر الذي كان النبي ينهاهم عنه وهو التكذيب وإنكار البعث وذلك لأن نفوسهم التي كذبت فيما مضى تكذيب مكابرة بعد إتيان الآيات البينات هي النفوس التي أرجعت إليهم يوم البعث فالعقل العقل والتفكير التفكير وإنما تمنوا ما تمنوا من شدة الهول فتوهموا التخلص منه بهذا التمني فلو تحقق تمنيهم وردوا واستراحوا من ذلك الهول لغلبت أهواؤهم رشدهم فنسوا ما حل بهم ورجعوا إلى ما ألفوا من التكذيب والمكابرة .
وفي هذا دليل على أن الخواطر الناشئة عن عوامل الحس دون النظر والدليل لا قرار لها في النفس ولا تسير على مقتضاها إلا ريثما يدوم ذلك الإحساس فإذا زال زال أثره فالانفعال به يشبه انفعال العجماوات من الزجر والسوط ونحوهما . ويزول بزواله حتى يعاوده مثله .
وقوله ( وإنهم لكاذبون ) تذييل لما قبله . جيء بالجملة الاسمية الدالة على الدوام والثبات أي أن الكذب سجية لهم قد تطبعوا عليها من الدنيا فلا عجب أن يتمنوا الرجوع ليؤمنوا فلو رجعوا لعادوا لما كانوا عليه فإن الكذب سجيتهم . وقد تضمن تمنيهم وعدا فلذلك صح إدخاله في حكم كذبهم دخول الخاص في العام لأن التذييل يؤذن بشمول ما ذيل به وزيادة . فليس وصفهم بالكذب بعائد إلى التمني بل إلى ما تضمنه من ا لوعد بالإيمان وعدم التكذيب بآيات الله .
( وقالوا إن هي إلا حياتنا الدنيا وما نحن بمبعوثين [ 29 ] ) يجوز أن يكون عطفا على قوله ( لعادوا لما نهوا عنه ) فيكون جواب ( لو ) أي لو ردوا لكذبوا بالقرآن أيضا ولكذبوا بالبعث كما كانوا مدة الحياة الأول ى . ويجوز أن تكون الجملة عطفت على جملة ( يقول الذين كفروا إن هذا إلا أساطير الأول ين ) ويكون ما بين الجملتين اعتراضا يتعلق بالتكذيب للقرآن .
وقوله ( إن هي ) ( إن ) نافية للجنس والضمير بعدها مبهم يفسره ما بعد الاستثناء المفرغ . قصد من إبهامه الإيجاز اعتمادا على مفسره والضمير لما كان مفسرا بنكرة فهو في حكم النكرة وليس هو ضمير قصة وشأن لأنه لا يستقيم معه معنى الاستثناء والمعنى إن الحياة لنا إلا حياتنا الدنيا أي انحصر جنس حياتنا في حياتنا الدنيا فلا حياة لنا غيرها فبطلت حياة بعد ا لموت فالاسم الواقع بعد ( إلا ) في حكم البدل من الضمير .
وجملة ( وما نحن بمبعوثين ) نفي للبعث وهو يستلزم تأكيد نفي الحياة غير حياة الدنيا لأن البعث لا يكون إلا مع حياة . وإنما عطفت ولم تفصل فتكون مؤكدة للجملة قبلها لأن قصدهم إبطال قول الرسول A أنهم يحيون حياة ثانية وقوله تارة أنهم مبعوثون بعد الموت فقصدوا إبطال كل باستقلاله .
( ولو ترى إذ وقفوا على ربهم قال أليس هذا بالحق قالوا بلى وربنا قال فذوقوا العذاب بما كنتم تكفرون [ 30 ] ) لما ذكر إنكارهم البعث أعقبه بوصف حالهم حين يحشرون إلى الله وهو حال البعث الذي أنكروه .
والقول في الخطاب وفي معنى ( وقفوا ) وفي جواب ( لو ) تقدم في نظريتها آنفا . وتعليق ( على ربهم ) ب ( وقفوا ) تمثيل لحضورهم المحشر عند البعث . شبهت حالهم في الحضور للحساب بحال عبد جنى فقبض عليه فوقف بين يدي ربه . وبذلك تظهر مزية التعبير بلفظ ( ربهم ) دون اسم الجلالة .
وجملة ( قال أليس هذا بالحق ) استئناف بياني لأن قوله ( ولو ترى إذ وقفوا ) قد آذن بمشهد عظيم مهول فكان من حق السامع أن يسأل : ماذا لقوا من ربهم فيجاب : ( قال أليس هذا بالحق ) الآية