وب سایت رسمی مجمع جهانى تقريب مذاهب اسلامى

اهم اخبار تقریب مذاهب اسلامی

مجمع جهانى تقريب مذاهب اسلامى
سایت رسمی مجمع جهانى تقريب مذاهب اسلامى

والوجه عندي أن يكون قوله ( إن ارتبتم ) من جملة الكلام الذي يقوله الشاهدان ومعناه أن الشاهدين يقولان : إن ارتبتم في شهادتنا فنحن نقسم بالله لا نشتري به ثمنا ولو كان ذا قربى ولا نكتم الشهادة أي يقولان ذلك لاطمئنان نفس الموصي لأن العدالة مظنة الصدق مع احتمال وجود ما ينافيها مما لا يطلع عليه فأكدت مظنة الصدق بالحلف ؛ فيكون شرع هذا الكلام على كل شاهد ليستوي فيه جميع الأحوال بحيث لا يكون توجيه اليمين في بعض الأحوال حرجا على الشاهدين اللذين توجهت عليهما اليمين من أن اليمين تعريض بالشك في صدقهما فكان فرض اليمين من قبل الشرع دافعا للتحرج بينهما وبين الولي لأن في كون اليمين شرطا من عند الله معذرة في المطالبة بها كما قال جمهور فقهائنا في يمين القضاء التي تتوجه على من يثبت حقا على ميت أو غائب من أنها لازمة قبل الحكم مطلقا ولو أسقطها الوارث الرشيد . ولم أقف على من عرج على هذا المعنى من المفسرين إلا قول الكواشي في تلخيص التفسير : " وبعضهم يقف على ( يقسمان ) ويبتدئ ( بالله ) قسما ولا أحبه " وإلا ما حكاه الصفاقسي في معربه عن الجرجاني " أن هنا قولا محذوفا تقديره : فيقسمان بالله ويقولان " . ولم يظهر للصفاقسي ما الذي دعا الجرجاني لتقدير هذا القول . ولا أراه حمله عليه إلا جعل قوله ( إن ارتبتم ) من كلام الشاهدين .
وجواب الشرط محذوف يدل عليه جواب القسم فإن القسم أولى بالجواب لأنه مقدم على الشرط .
وقوله ( لا نشتري به ثمنا ) الخ ذلك هو المقسم عليه . ومعنى ( لا نشتري به ثمنا ) لا نعتاض بالأمر الذي أقسمنا عليه ثمنا أي عوضا فضمير به عائد إلى القسم المفهوم من ( يقسمان ) . وقد أفاد تنكير ( ثمنا ) في سياق النفي عموم كل ثمن . والمراد بالثمن العوض أي لا نبدل ما أقسمنا عليه بعوض كائنا ما كان العوض ويجوز أن يكون ضمير ( به ) عائدا إلى المقسم عليه وهو ما استشهدا عليه من صيغة الوصي بجميع ما فيها .
وقوله ( ولو كان ذا قربى ) حال من قوله ( ثمنا ) الذي هو بمعنى العوض أي ولو كان العوض ذا قربى أي ذا قربى منا و ( لو ) شرط يفيد المبالغة فإذا كان ذا القربى لا يرضيانه عوضا عن تبديل شهادتهما فأولى ما هو دون ذلك . وذلك أن أعظم ما يدفع المرء إلى الحيف في عرف القبائل هو الحمية والنصرة للقريب فذلك تصغر دونه الرشى ومنافع الذات . والضمير المستتر في ( كان ) عائد إلى قوله ( ثمنا ) .
ومعنى كون الثمن أي العوض ذا قربى أنه إرضاء ذي القربى ونفعه فالكلام على تقدير مضاف وهو من دلالة الاقتضاء لأنه لا معنى لجعل العوض ذات ذي القربى فتعين أن المراد شيء من علائقه يعينه المقام . ونظيره ( حرمت عليكم أمهاتكم ) . وقد تقدم وجه دلالة مثل هذا الشرط ب ( لو ) وتسميتها وصلية عند قوله تعالى ( ولو افتدى به ) من سورة آل عمران .
وقوله ( ولا نكتم ) عطف على ( لا نشتري ) لأن المقصود من إحلافهما أن يؤديا الشهادة كما تلقياها فلا يغيرا شيئا منها ولا يكتماها أصلا .
وإضافة الشهادة إلى اسم الجلالة تعظيم لخطرها عند الشاهد وغيره لأن الله لما أمر بأدائها كما هي وحض عليها أضافها إلى اسمه حفظا لها من التغيير فالتصريح باسمه تعالى تذكير للشاهد به حين القسم .
وفي قوله ( ولا نكتم ) دليل على أن المراد بالشهادة هنا معناها المتعارف وهو الإخبار عن أمر خاص يعرض في مثله الترافع . وليس المراد بها اليمين كما توهمه بعض المفسرين فلا نطيل برده فقد رده اللفظ .
وجملة ( إنا إذا لمن الآثمين ) مستأنفة استئنافا بيانيا لأنها جواب سؤال مقدر بدليل وجود ( إذن ) فإنه حرف جواب : استشعر الشاهدان سؤالا من الذي حلفا له بقولهما : لا نشتري به ثمنا ولا نكتم شهادة الله يقول في نفسه : لعلكما لا تبران بما أقسمتما عليه فأجابا : إنا إذن لمن الآثمين أي إنا نعلم تبعة عدم البر بما أقسمنا عليه أن نكون من الآثمين أي ولا نرضى بذلك .
والآثم : مرتكب الإثم . وقد علم أن الإثم هو الحنث بوقوع الجملة استئنافا مع ( إذن ) الدالة على جواب كلام يختلج في نفس أولياء الميت .
A E