وب سایت رسمی مجمع جهانى تقريب مذاهب اسلامى

اهم اخبار تقریب مذاهب اسلامی

مجمع جهانى تقريب مذاهب اسلامى
سایت رسمی مجمع جهانى تقريب مذاهب اسلامى

وقوله ( فإن عثر على أنهما استحقا إثما فآخران ) الآية أي إن تبين أنهما كتما أو بدلا وحنثا في يمينهما بطلت شهادتهما لأن قوله ( فآخران يقومان مقامهما ) فرع عن بطلان شهادتهما فحذف ما يعبر عن بطلان شهادتهما إيجازا كقوله ( أن اضرب بعصاك الحجر فانفجرت منه اثنتا عشرة عينا ) أي فضرب فانفجرت .
ومعنى ( عثر ) اطلع وتبين ذلك وأصل فعل عثر أنه مصادفة رجل الماشي جسما ناتئا في الأرض لم يترقبه ولم يحذر منه فيختل به اندفاع مشيه فقد يسقط وقد يتزلزل . ومصدره العثار والعثور ثم استعمل في الظفر بشيء لم يكن مترقبا الظفر به على سبيل الاستعارة . وشاع ذلك حتى صار كالحقيقة فخصوا في الاستعمال المعنى الحقيقي بأحد المصدرين وهو العثار وخصوا المعنى المجازي بالمصدر الآخر وهو العثور .
ومعنى ( استحقا إثما ) ثبت أنهما ارتكبا ما يأثمان به فقد حق عليهما الإثم أي وقع عليهما فالسين والتاء للتأكيد . والمراد بالإثم هو الذي تبرءا منه في قوله ( لا نشتري به ثمنا ولو كان ذا قربي ولا نكتم شهادة الله ) . فالإثم هو أحد هذين بأن يظهر أنهما استبدلا بما استؤمنا عليه عوضا لأنفسهما أو لغيرهما أو بأن يظهر أنهما كتما الشهادة أي بعضها . وحاصل الإثم أن يتضح ما يقدح في صدقهما بموجب الثبوت .
وقوله ( فآخران ) أي رجلان آخران لأن وصف آخر يطلق على المغاير بالذات أو بالوصف مع المماثلة في الجنس المتحدث عنه والمتحدث عنه هنا ( اثنان ) . فالمعنى فاثنان آخران يقومان مقامهما في إثبات الوصية . ومعنى يقومان مقامهما أي يعوضان تلك الشهادة . فإن المقام هو محل القيام ثم يراد به محل عمل ما ولو لم يكن فيه قيام ثم يراد به العمل الذي من شأنه أن يقع في محل يقوم فيه العامل وذلك في العمل المهم . قال تعالى : ( إن كان كبر عليكم مقامي وتذكيري ) . فمقام الشاهدين هو إثبات الوصية . و ( من ) في قوله ( من الذين استحق عليهم ) تبعيضية أي شخصان آخران يكونان من الجماعة من الذين استحق عليهم .
والاستحقاق كون الشيء حقيقا بشيء آخر فيتعدى إلى المفعول بنفسه كقوله ( استحقا إثما ) وهو الشيء المستحق . وإذا كان الاستحقاق عن نزاع يعدى الفعل إلى المحقوق ب ( على ) الدالة على الاستعلاء بمعنى اللزوم له وإن كره كأنهم ضمنوه معنى وجب كقوله تعالى ( حقيق علي أن لا أقول على الله إلا الحق ) . ويقال : استحق زيد على عمرو كذا أي وجب لزيد حق على عمرو فأخذه منه .
وقرأ الجمهور ( استحق عليهم ) بالبناء للمجهول فالفاعل المحذوف في قوله ( استحق عليهم ) هو مستحق ما وهو الذي انتفع بالشهادة واليمين الباطلة فنال من تركة الموصي ما لم يجعله له الموصي وغلب وارث الموصي بذلك . فالذين استحق عليهم هم أولياء الموصي الذين لهم ماله بوجه من وجوه الإرث فحرموا بعضه .
وقوله ( عليهم ) قائم مقام نائب فاعل ( استحق ) .
وقوله : ( الأول يان ) تثنية أولى وهو الأجدر والأحق أي الأجدران بقبول قولهما . فما صدقه هو ما صدق ( الآخران ) ومرجعه إليه فيجوز أن يجعل خبرا عن ( آخران ) فإن ( آخران ) لما وصف بجملة ( يقومان مقامهما ) صح الابتداء به أي فشخصان آخران هما الأوليان بقبول قولهما دون الشاهدين المتهمين .
وإنما عرف باللام لأنه معهود للمخاطب ذهنا لأن السامع إذا سمع قوله : ( فإن عثر على أنهما استحقا إثما ) ترقب أن يعرف من هو الأول ى بقبول قوله في هذا الشأن فقيل له : آخران هما الأوليان بها . ويجوز أن يكون ( الأوليان ) مبتدأ و ( آخران يقومان ) خبره . وتقديم الخبر لتعجيل الفائدة لأن السامع يترقب الحكم بعد قوله ( فإن عثر على أنهما استحقا إثما ) فإن ذلك العثور على كذب الشاهدين يسقط شهادتهما ويمينهما فكيف يكون القضاء في ذلك فعجل الجواب . ويجوز أن يكون بدلا من ( آخران ) أو من الضمير في ( يقومان ) أو خبر مبتدأ محذوف أي هما الأوليان . ونكتة التعريف هي على الوجوه كلها