وب سایت رسمی مجمع جهانى تقريب مذاهب اسلامى

اهم اخبار تقریب مذاهب اسلامی

مجمع جهانى تقريب مذاهب اسلامى
سایت رسمی مجمع جهانى تقريب مذاهب اسلامى

والجعل هنا بمعنى الأمر والتشريع لأن أصل ( جعل ) إذا تعدى إلى مفعول واحد أن يكون بمعنى الخلق والتكوين ثم يستعار إلى التقدير والكتب كما في قولهم : فرض عليه جعالة وهو هنا كذلك فيؤول إلى معنى التقدير والأمر بخلاف ما وقع في قوله ( جعل الله الكعبة البيت الحرام قياما للناس ) . فالمقصود هنا نفي تشريع هذه الأجناس من الحقائق فإنها موجودة في الواقع . فنفي جعلها متعين لأن يكون المراد منه نفي الأمر والتشريع وهو كناية عن عدم الرضا به والغضب على من جعله كما يقول الرجل لمن فعل شيئا : ما أمرتك بهذا . فليس المراد إباحته والتخيير في فعله وتركه كما يستفاد من المقام وذلك مثل قوله ( قل هلم شهداءكم الذين يشهدون أن الله حرم هذا ) فإنه كناية عن الغضب على من حرموه وليس المراد أن لهم أن يجتنبوه .
وأدخلت ( من ) الزائدة بعد النفي للتنصيص على أن النفي نفي الجنس لا نفي أفراد معينة فقد ساوى أن يقال : لا بحيرة ولا سائبة مع قضاء حق المقام من بيان أن هذا ليس من جعل الله وأنه لا يرضى به فهو حرام .
والبحيرة بفتح الباء الموحدة وكسر الحاء المهملة فعيلة بمعنى مفعولة أي مبحورة والبحر الشق . يقال : بحر شق . وفي حديث حفر زمزم أن عبد المطلب بحرها بحرا أي شقها ووسعها . فالبحيرة هي الناقة كانوا يشقون أذنها بنصفين طولا علامة على تخليتها أي أنها لا تركب ولا تنحر ولا تمنع عن ماء ولا عن مرعى ولا يجزرونها ويكون لبنها لطواغيتهم أي أصنامهم ولا يشرب لبنها إلا ضيف والظاهر أنه يشربه إذا كانت ضيافة لزيارة الصنم أو إضافة سادنه فكل حي من أحياء العرب تكون بحائرهم لصنمهم . وقد كانت للقبائل أصنام تدين كل قبيلة لصنم أو أكثر .
وإنما يجعلونها بحيرة إذا نتجت عشرة أبطن على قول أكثر أهل اللغة . وقيل : إذا نتجت خمسة أبطن وكان الخامس ذكرا . وإذا ماتت حتف أنفها حل أكل لحمها للرجال وحرم على النساء .
والسائبة : البعير أو الناقة يجعل نذرا عن شفاء من مرض أو قدوم من سفر فيقول : أجعله لله سائبة . فالتاء فيه للمبالغة في الوصف كتاء نسابة ولذلك يقال : عبد سائبة وهو اسم فاعل بمعنى الانطلاق والإهمال وقيل : فاعل بمعنى مفعول أي مسيب .
وحكم السائبة كالبحيرة في تحريم الانتفاع فيكون ذلك كالعتق وكانوا يدفعونها إلى السدنة ليطعموا من ألبانها أبناء السبيل . وكانت علامتها أن تقطع قطعة من جلدة فقار الظهر فيقال لها : صريم وجمعه صرم وإذا ولدت الناقة عشرة أبطن كلهن إناث متتابعة سيبوها أيضا فهي سائبة وما تلده السائبة يكون بحيرة في قول بعضهم . والظاهر أنه يكون مثلها سائبة .
والوصيلة من الغنم هي الشاة تلد أنثى بعد أنثى فتسمى الأم وصيلة لأنها وصلت أنثى بأنثى كذا فسرها مالك في رواية ابن وهب عنه فعلى هذه الرواية تكون الوصيلة هي المتقرب بها ويكون تسليط نفي الجعل عليها ظاهرا . وقال الجمهور : الوصيلة أن تلد الشاة خمسة أبطن أو سبعة " على اختلاف مصطلح القبائل " فالأخير إذا كان ذكرا ذبحوه لبيوت الطواغيت وإن كانت أنثى استحيوها أي للطواغيت وإن أتأمت استحيوهما جميعا وقالوا : وصلت الأنثى أخاها فمنعته من الذبح فعلى هذا التأويل فالوصيلة حالة من حالات نسل الغنم وهي التي أبطلها الله تعالى ولم يتعرضوا لبقية أحوال الشاة . والأظهر أن الوصيلة اسم للشاة التي وصلت سبعة أبطن إناثا جمعا بين تفسير مالك وتفسير غيره فالشاة تسيب للطواغيت وما ذكروه من ذبح ولدها أو ابنتها هو من فروع استحقاق تسييبها لتكون الآية شاملة لأحوالها كلها . وعن ابن إسحاق : الوصيلة الشاة تتئم في خمسة أبطن عشرة إناث فما ولدت بعد ذلك فهو للذكور منهم دون النساء إلا أن يموت شيء منها فيشترك في أكله الرجال والنساء .
وفي صحيح البخاري عن سعيد بن المسيب : أن الوصيلة من الإبل إذا بكرت الناقة في أول إنتاج الإبل بأنثى ثم تثني بعد بأنثى في آخر العام فكانوا يجعلونها لطواغيتهم . وهذا قاله سعيد من نفسه ولم يروه عن النبي صلى الله عليه وسلم . ووقع في سياق البخاري إيهام اغتر به بعض الشارحين ونبه عليه في فتح الباري . وعلى الوجوه كلها فالوصيلة فعلية بمعنى فاعلة .
A E