وب سایت رسمی مجمع جهانى تقريب مذاهب اسلامى

اهم اخبار تقریب مذاهب اسلامی

مجمع جهانى تقريب مذاهب اسلامى
سایت رسمی مجمع جهانى تقريب مذاهب اسلامى

وقوله ( حين ينزل القرآن ) ظرف . يجوز تعلقه بفعل الشرط وهو ( تسألوا ) ويجوز تعلقه بفعل الجواب وهو ( تبد لكم ) وهو أظهر إذ الظاهر أن حين نزول القرآن لم يجعل وقتا لإلقاء الأسئلة بل جعل وقتا للجواب عن الأسئلة . وتقديمه على عامله للاهتمام والمعنى أنهم لا ينتظرون الجواب عما يسألون عنه إلا بعد نزول القرآن لقوله تعالى ( قل لا أقول لكم عندي خزائن الله ولا أعلم الغيب إلى قوله إن أتبع إلا ما يوحى إلي ) فنبههم الله بهذا على أن النبي يتلقى الوحي من علام الغيوب . فمن سأل عن شيء فلينتظر الجواب بعد نزول القرآن ومن سأل عند نزول القرآن حصل جوابه عقب سؤاله . ووقت نزول القرآن يعرفه من يحضر منهم مجلس النبي صلى الله عليه وسلم فإن له حالة خاصة تعتري الرسول صلى الله عليه وسلم يعرفها الناس كما ورد في حديث يعلى بن أمية في حكم العمرة . ومما يدل لهذا ما وقع في حديث أنس من رواية ابن شهاب في صحيح مسلم أن رسول الله صلى الله عليه وسلم صلى لهم صلاة الظهر فلما سلم قام على المنبر فذكر الساعة وذكر أن قبلها أمورا عظاما ثم قال : من أحب أن يسألني عن شيء فليسألني عنه فو الله لا تسألونني عن شيء إلا أخبرتكم به ما دمت في مقامي هذا . ثم قال : " لقد عرضت علي الجنة والنار آنفا في عرض هذا الحائط فلم أر كاليوم في الخير والشر " الحديث فدل ذلك على أن رسول الله صلى الله عليه وسلم كان ذلك الحين في حال نزول وحي عليه . وقد جاء في رواية موسى بن أنس عن أبيه أنس أنه أنزل عليه حينئذ قوله تعالى ( يا أيها الذين آمنوا لا تسألوا عن أشياء ) الآية . فتلك لا محالة ساعة نزول القرآن واتصال الرسول E بعالم الوحي .
وقوله : ( عفا الله عنها ) يحتمل أنه تقرير لمضمون قوله ( وإن تسألوا عنها حين ينزل القرآن تبد لكم ) أي أن الله نهاكم عن المسألة وعفا عنكم أن تسألوا حين ينزل القرآن . وهذا أظهر لعوذ الضمير إلى أقرب مذكور باعتبار تقييده ( حين ينزل القرآن ) . ويحتمل أن يكون إخبارا عن عفوه عما سلف من إكثار المسائل وإحفاء الرسول صلى الله عليه وسلم فيها لأن ذلك لا يناسب ما يناسب ما يجب من توقيره .
وقوله ( قد سألها قوم من قبلكم ثم أصبحوا بها كافرين ) استئناف بياني جواب سؤال يثيره النهي عن السؤال ثم الإذن فيه في حين ينزل القرآن أن يقول سائل : إن كان السؤال في وقت نزول القرآن وأن بعض الأسئلة يسوء جوابه قوما فهل الأولى ترك السؤال أو إلقاؤه . فأجيب بتفصيل أمرها بأن أمثالها قد كانت سببا في كفر قوم قبل المسلمين .
وضمير ( سألها ) جوز أن يكون عائدا إلى مصدر مأخوذ من الكلام غير مذكور دل عليه فعل ( تسألوا ) أي سأل المسألة فيكون الضمير منصوبا على المفعولية المطلقة . وجرى جمهور المفسرين على تقدير مضاف أي سأل أمثالها . والمماثلة في ضآلة الجدوى . والأحسن عندي أن يكون ضمير ( سألها ) عائدا إلى ( أشياء ) أي إلى لفظه دون مدلوله . فالتقدير : قد سأل أشياء قوم من قبلكم وعدي فعل ( سأل ) إلى الضمير على حذف حرف الجر وعلى هذا المعنى يكون الكلام على طريقة قريبة من طريقة الاستخدام بل هي أحق من الاستخدام فإن أصل الضمير أن يعود إلى لفظ باعتبار مدلوله وقد يعود إلى لفظ دون مدلوله نحو قولك : لك درهم ونصفه أي نصف درهم لا الدرهم الذي أعطيته إياه . والاستخدام أشد من ذلك لأنه عود الضمير على اللفظ مع مدلول آخر .
و ( ثم ) في قوله ( ثم أصبحوا بها كافرين ) للترتيب الرتبي كشأنها في عطف الجمل فإنها لا تفيد فيه تراخي الزمان وإنما تفيد تراخي مضمون الجملة المعطوفة في تصور المتكلم عن تصور مضمون الجملة المعطوف عليها فتدل على أن الجملة المعطوفة لم يكن يترقب حصول مضمونها حتى فاجأ المتكلم . وقد مرت الإشارة إلى ذلك عند قوله تعالى : ( ثم أنتم هؤلاء تقتلون أنفسكم ) في سورة البقرة .
A E