وب سایت رسمی مجمع جهانى تقريب مذاهب اسلامى

اهم اخبار تقریب مذاهب اسلامی

مجمع جهانى تقريب مذاهب اسلامى
سایت رسمی مجمع جهانى تقريب مذاهب اسلامى

وروى الترمذي والدارقطني عن علي بن أبي طالب لما نزلت ( ولله على الناس حج البيت ) قالوا : يا رسول الله في كل عام فسكت فأعادوا . فقال : لا ولو قلت : نعم لوجبت فأنزل الله ( يا أيها الذين آمنوا لا تسألوا عن أشياء إن تبد لكم تسؤكم ) قال : هذا حديث حسن غريب . وروى الطبري قريبا منه عن أبي أمامة وعن ابن عباس . وتأويل هذه الأسانيد أن الآية تليت عند وقوع هذا السؤال وإنما كان نزولها قبل حدوثه فظنها الراوون نزلت حينئذ . وتأويل المعنى على هذا أن الأمة تكون في سعة إذا لم يشرع لها حكم فيكون الناس في سعة الاجتهاد عند نزول الحادثة بهم بعد الرسول A فإذا سألوا وأجيبوا من قبل الرسول A تعين عليهم العمل بما أجيبوا به . وقد تختلف الأحوال والأعصار فيكونون في حرج إن راموا تغييره ؛ فيكون معنى ( إن تبد لكم تسؤكم ) على هذا الوجه أنها تسوء بعضهم أو تسوءهم في بعض الأحوال إذا شقت عليهم . وروى مجاهد عن ابن عباس : نزلت في قوم سألوا رسول الله A عن البحيرة والسائبة والوصيلة والحامى . وقال مثله سعيد بن جبير والحسن .
وقوله ( أشياء ) تكثير شيء والشيء هو الموجود فيصدق بالذات وبحال الذات وقد سألوا عن أحوال بعض المجهولات أو الضوال أو عن أحكام بعض الأشياء .
و ( أشياء ) كلمة تدل على جمع " شيء " والظاهر أنه صيغة جمع لأن زنة شيء " فعل " و " فعل " إذا كان معتل العين قياس جمعه " أفعال " مثل بيت وشيخ . فالجاري على متعارف التصريف أن يكون ( أشياء ) جمعا وأن همزته الأولى همزة مزيدة للجمع . إلا أن ( أشياء ) ورد في القرآن هنا ممنوعا من الصرف فتردد أئمة اللغة في تأويل ذلك وأمثل أقوالهم في ذلك قول الكسائي : إنه لما كثر استعماله في الكلام أشبه " فعلاء " فمنعوه من الصرف لهذا الشبه كما منعوا سراويل من الصرف وهو مفرد لأنه شابه صيغة الجمع مثل مصابيح .
وقال الخليل وسيبويه : ( أشياء ) اسم جمع " شيء " وليس جمعا فهو مثل طرفاء وحلفاء فأصله شيئا فالمدة في آخره مدة تأنيث فلذلك منع من الصرف وادعى أنهم صيروه أشياء بقلب مكاني . وحقه أن يقال : شيئاء بوزن " فعلاء " فصار بوزن " لفعاء " .
وقوله ( إن تبد لكم تسؤكم ) صفة ( أشياء ) أي إن تظهر لكم وقد أخفيت عنكم يكن في إظهارها ما يسوءكم ولما كانت الأشياء المسؤول عنها منها ما إذا ظهر ساء من سأل عنه ومنها ما ليس كذلك وكانت قبل إظهارها غير متميزة كان السؤال عن مجموعها معرضا للجواب بما بعضه يسوء فلما كان هذا البعض غير معين للسائلين كان سؤالهم عنها سؤالا عن ما إذا ظهر يسوءهم فإنهم سألوا في موطن واحد أسئلة منها : ما سرهم جوابه وهو سؤال عبد الله بن حذافة عن أبيه فأجيب بالذي يصدق نسبه ومنها ما ساءهم جوابه وهو سؤال من سأل أين أبي أو أين أنا فقيل : له في النار فهذا يسوءه لا محالة . فتبين بهذا أن قوله ( إن تبد لكم تسؤكم ) روعي فيه النهي عن المجموع لكراهية بعض ذلك المجموع . والمقصود من هذا استئناسهم للإعراض عن نحو هذه المسائل وإلا فإن النهي غير مقيد بحال ما يسوءهم جوابه بدليل قوله بعده ( عفا الله عنها ) . لأن العفو لا يكون إلا عن ذنب وبذلك تعلم أنه لا مفهوم للصفة هنا لتعذر تمييز ما يسوء عما لا يسوء .
وجملة ( وإن تسألوا عنها حين ينزل القرآن تبد لكم ) عطف على جملة ( لا تسألوا ) وهي تفيد إباحة السؤال عنها على الجملة لقوله ( وإن تسألوا ) فجعلهم مخيرين في السؤال عن أمثالها وأن ترك السؤال هو الأولى لهم فالانتقال إلى الإذن رخصة وتوسعة وجاء ب ( إن ) للدلالة على أن الأولى ترك السؤال عنها لأن الأصل في ( إن ) أن تدل على أن الشرط نادر الوقوع أو مرغوب عن وقوعه .
A E