وب سایت رسمی مجمع جهانى تقريب مذاهب اسلامى

اهم اخبار تقریب مذاهب اسلامی

مجمع جهانى تقريب مذاهب اسلامى
سایت رسمی مجمع جهانى تقريب مذاهب اسلامى

و ( من ) في قوله ( من خلاف ) ابتدائية في موضع الحال من ( أيديهم وأرجلهم ) فهي قيد للقطع أي أن القطع يبتدئ في حال التخالف وقد علم أن المقطوع هو العضو المخالف فتعين أنه مخالف لمقطوع آخر وإلا لم تتصور المخالفة فإذا لم يكن عضو مقطوع سابق فقد تعذر التخالف فيكون القطع للعضو الأول آنفا ثم تجري المخالفة فيما بعد . وقد علم من قوله ( من خلاف ) أنه لا يقطع من المحارب إلا يد واحدة أو رجل واحدة ولا يقطع يداه أو رجلاه ؛ لأنه لو كان كذلك لم يتصور معنى لكون القطع من خلاف . فهذا التركيب من بديع الإيجاز . والظاهر أن كون القطع من خلاف تيسير ورحمة لأن ذلك أمكن لحركة بقية الجهد بعد البرء وذلك بأن يتوكأ باليد الباقية على عود بجهة الرجل المقطوعة .
قال علماؤنا : تقطع يده لأجل أخذ المال ورجله للإخافة ؛ لأن اليد هي العضو الذي به الأخذ والرجل هي العضو الذي به الإخافة أي المشي وراء الناس والتعرض لهم .
والنفي من الأرض : الإبعاد من المكان الذي هو وطنه لأن النفي معناه عدم الوجود . والمراد الإبعاد لأنه إبعاد عن القوم الذين حاربوهم . يقال : نفوا فلانا أي أخرجوه من بينهم وهو الخليع وقال النابغة : .
" ليهنئ لكم أن قد نفيتم بيوتنا أي أقصيتمونا عن دياركم . ولا يعرف في كلام العرب معنى للنفي غير هذا . وقال أبو حنيفة وبعض العلماء : النفي هو السجن . وحملهم على هذا التأويل البعيد التفادي من دفع أضرار المحارب عن قوم كان فيهم بتسليط ضره على قوم آخرين . وهو نظر يحمل على التأويل ولكن قد بين العلماء أن النفي يحصل به دفع الضر لأن العرب كانوا إذا أخرج أحد من وطنه ذل وخضدت شوكته قال امرؤ القيس : .
" به الذئب يعوي كالخليع المعيل وذلك حال غير مختص بالعرب فإن للمرء في بلده وقوعه من الإقدام ما ليس له في غير بلده .
على أن من العلماء من قال : ينفون إلى بلد بعيد منحاز إلى جهة بحيث يكون فيه كالمحصور . قال أبو الزناد : كان النفي قديما إلى " دهلك " وإلى " باضع " وهما جزيرتان في بحر اليمن .
وقد دلت الآية على أمرين : أحدهما التخيير في جزاء المحاربين ؛ لأن أصل ( أو ) الدلالة على أحد الشيئين أو الأشياء في الوقوع ويقتضي ذلك في باب الأمر ونحوه التخيير نحو ( ففدية من صيام أو صدقة أو نسك ) . وقد تمسك بهذا الظاهر جماعة من العلماء منهم مالك بن أنس وسعيد بن المسيب وعطاء ومجاهد والنخعي وأبو حنيفة والمروي عن مالك أن هذا التخيير لأجل الحرابة فإن اجترح في مدة حرابته جريمة ثابتة توجب الأخذ بأشد العقوبة كالقتل قتل دون تخيير وهو مدرك واضح . ثم ينبغي للإمام بعد ذلك أن يأخذ في العقوبة بما يقارب جرم المحارب وكثرة مقامه في فساده . وذهب جماعة إلى أن ( أو ) في الآية للتقسيم لا للتخيير وأن المذكورات مراتب للعقوبات بحسب ما اجترحه المحارب : فمن قتل وأخذ المال قتل وصلب ومن لم يقتل ولا أخذ مالا عزر ومن أخاف الطريق نفي ومن أخذ المال فقط قطع وهو قول ابن عباس وقتادة والحسن والسدي والشافعي . ويقرب خلافهم من التقارب .
والأمر الثاني أن هذه العقوبات هي لأجل الحرابة وليست لأجل حقوق الأفراد من الناس كما دل على ذلك قوله بعد ( إلا الذين تابوا من قبل أن تقدروا عليهم ) الآية وهو بين . ولذلك فلو أسقط المعتدى عليهم حقوقهم لم يسقط عن المحارب عقوبة الحرابة .
A E