وب سایت رسمی مجمع جهانى تقريب مذاهب اسلامى

اهم اخبار تقریب مذاهب اسلامی

مجمع جهانى تقريب مذاهب اسلامى
سایت رسمی مجمع جهانى تقريب مذاهب اسلامى

وقوله ( ذلك لهم خزي في الدنيا ) أي الجزاء خزي لهم في الدنيا . والخزي : الذل والإهانة ( ولا تخزنا يوم القيامة ) . وقد دلت الآية على أن لهؤلاء المحاربين عقابين : عقابا في الدنيا وعقابا في الآخرة . فإن كان المقصود من المحاربين في الآية خصوص المحاربين من أهل الكفر كالعرنيين كما قيل به فاستحقاقهم العذابين ظاهر وإن كان المراد به ما يشمل المحارب من أهل الإسلام كانت الآية معارضة لما ورد في الحديث الصحيح في حديث عبادة بن الصامت من قول رسول الله صلى الله عليه وسلم حين أخذ البيعة على المؤمنين بما تضمنته آية ( إذا جاءك المؤمنات يبايعنك ) الخ فقال " فمن وفى منكم فأجره على الله ومن أصاب من ذلك شيئا فعوقب به فهو كفارة له ومن أصاب منها شيئا فستره الله فهو إلى الله إن شاء عذبه وإن شاء غفر له " . فقوله : فهو كفارة له دليل على أن الحد يسقط عقاب الآخرة فيجوز أن يكون ما في الآية تغليظا على المحاربين بأكثر من أهل بقية الذنوب ويجوز أن يكون تأويل ما في هذه الآية على التفصيل أي لهم خزي في الدنيا إن أخذوا به ولهم في الآخرة عذاب عظيم إن لم يؤخذوا به في الدنيا .
والاستثناء بقوله ( إلا الذين تابوا ) راجع إلى الحكمين خزي الدنيا وعذاب الآخرة بقرينة قوله ( من قبل أن تقدروا عليهم ) لأن تأثير التوبة في النجاة من عذاب الآخرة لا يتقيد بما قبل القدرة عليهم . وقد دلت أداة الاستثناء على سقوط العقوبة عن المحارب في هذه الحالة ؛ فتم الكلام بها لأن الاستثناء كلام مستقل لا يحتاج إلى زيادة تصريح بانتفاء الحكم المستثنى منه عن المستثنى في استعمال العرب وعند جمهور العلماء . فليس المستثنى مسكوتا عنه كما يقول الحنفية ولولا الاستثناء لما دلت الآية على سقوط عقوبة المحارب المذكورة . فلو قيل : فإن تابوا لم تدل إلا على قبول التوبة منهم في إسقاط عقاب الآخرة .
ومعنى ( من قبل أن تقدروا عليهم ) ما كان قبل أن يتحقق المحارب أنه مأخوذ أو يضيق عليه الحصار أو يطارد في جميع البلاد ويضيق عليه فإن أتى قبل ذلك كله طائعا نادما سقط عنه ما شرع الله له من العقوبة لأنه قد دل على انتقال حاله من فساد إلى صلاح فلم تبق حكمة في عقابه . ولما لم تتعرض الآية إلى غرم ما أتلفه بحرابته علم أن التوبة لا تؤثر في سقوط ما كان قد اعتلق به من حقوق الناس من مال أو دم لأن ذلك معلوم بأدلة أخرى .
وقوله ( فاعلموا أن الله غفور رحيم ) تذكير بعد تمام الكلام ودفع لعجب من يتعحب من سقوط العقاب عنهم . فالفاء فصيحة عما دل عليه الاستثناء من سقوط العقوبة مع عظم الجرم والمعنى : إن عظم عندكم سقوط العقوبة عمن تاب قبل أن يقدر عليه فاعلموا أن الله غفور رحيم .
وقد دل قوله ( فاعلموا ) على تنزيل المخاطبين منزلة من لا يعلم ذلك نظرا لاستعظامهم هذا العفو . وقد رأيت أن شأن فعل ( اعلم ) أن يدل على أهمية الخبر كما سيأتي في قوله تعالى ( واعلموا أن الله يحول بين المرء وقلبه ) في سورة الأنفال وقوله فيها ( واعلموا أن ما غنمتم ) .
( يا أيها الذين آمنوا اتقوا الله وابتغوا إليه الوسيلة وجاهدوا في سبيله لعلكم تفلحون [ 35 ] ) اعتراض بين آيات وعيد المحاربين وأحكام جزائهم وبين ما بعده من قوله ( إن الذين كفروا لو أن لهم ما في الأرض جميعا ) الآية . خاطب المؤمنين بالترغيب بعد أن حذرهم من المفاسد على عادة القرآن في تخلل الأغراض بالموعظة والترغيب والترهيب وهي طريقة من الخطابة لاصطياد النفوس كما قال الحريري : " فلما دفنوا الميت وفات قول ليت أقبل شيخ من رباوة متأبطا لهراوة . فقال : لمثل هذا فليعمل العاملون إلخ . فعقب حكم المحاربين من أهل الكفر بأمر المؤمنين بالتقوى وطلب ما يوصلهم إلى مرضاة الله . وقابل قتالا مذموما بقتال يحمد فاعله عاجلا وآجلا .
والوسيلة : كالوصيلة . وفعل وسل قريب من فعل وصل فالوسيلة : القربة وهي فعيلة بمعنى مفعوله أي متوسل بها أي اتبعوا التقرب اليه أي بالطاعة .
A E