وب سایت رسمی مجمع جهانى تقريب مذاهب اسلامى

اهم اخبار تقریب مذاهب اسلامی

مجمع جهانى تقريب مذاهب اسلامى
سایت رسمی مجمع جهانى تقريب مذاهب اسلامى

فالحصر ب ( إنما ) في قوله ( إنما جزاء الذين يحاربون ) الخ على أصح الروايتين في سبب نزول الآية حصر إضافي وهو قصر قلب لإبطال أي لنسخ العقاب الذي أمر به الرسول صلى الله عليه وسلم على العرنيين وعلى ما رواه الطبري عن ابن عباس فالحصر أن لا جزاء لهم إلا ذلك فيكون المقصود من القصر حينئذ أن لا ينقص عن ذلك الجزاء وهو أحد الأمور الأربعة . وقد يكون الحصر لرد اعتقاد مقدر وهو اعتقاد من يستعظم هذا الجزاء ويميل إلى التخفيف منه . وكذلك يكون إذا كانت الآية غير نازلة على سبب أصلا .
وأياما كان سبب النزول فإن الآية تقتضي وجوب عقاب المحاربين بما ذكر الله فيها لأن الحصر يفيد تأكيد النسبة . والتأكيد يصلح أن يعد في أمارات وجوب الفل المعدود بعضها في أصول الفقه لأنه يجعل الحكم جازما .
ومعنى ( يحاربون ) أنهم يكونون مقاتلين بالسلاح عدوانا لقصد المغنم كشأن المحارب المبادئ لأن حقيقة الحرب القتال . ومعنى محاربة الله محاربة شرعه وقصد الاعتداء على أحكامه وقد علم أن الله لا يحاربه أحد فذكره في المحاربة لتشنيع أمرها بأنها محاربة لمن يغضب الله لمحاربته وهو الرسول صلى الله عليه وسلم . والمراد بمحاربة الرسول الاعتداء على حكمه وسلطانه فإن العرنيين اعتدوا على نعم رسول الله صلى الله عليه وسلم المتخذة لتجهيز جيوش المسلمين وهو قد امتن عليهم بالانتفاع بها فلم يراعوا ذلك لكفرهم فما عاقب به الرسول العرنيين كان عقابا على محاربة خاصة هي من صريح البغض للإسلام . ثم إن الله شرع حكما للمحاربة التي تقع في زمن رسول الله وبعده وسوى عقوبتها فتعين أن يصير تأويل ( يحاربون الله ورسوله ) المحاربة لجماعة المسلمين . وجعل لها جزاء عين جزاء الردة لأن الردة لها جزاء آخر فعلمنا أن الجزاء لأجل المحاربة . ومن أجل ذلك اعتبره العلماء جزاء لمن يأتي هذه الجريمة من المسلمين ولهذا لم يجعله الله جزاء للكفار الذين حاربوا الرسول لأجل عناد الدين ؛ فلهذا المعنى عدي ( يحاربون ) إلى ( الله ورسوله ) ليظهر أنهم لم يقصدوا حرب معين من الناس ولا حرب صف .
وعطف ( ويسعون في الأرض فسادا ) لبيان القصد من حربهم الله ورسوله فصار الجزاء على مجموع الأمرين فمجموع الأمرين سبب مركب للعقوبة وكل واحد من الأمرين جزء سبب لا يقتضي هذه العقوبة بخصوصها .
وقد اختلف العلماء في حقيقة الحرابة ؛ فقال مالك : هي حمل السلاح على الناس لأخذ أموالهم دون نائرة ولا دخل ولا عداوة أي بين المحارب بالكسر وبين المحارب بالفتح سواء في البادية أو في المصر وقال به الشافعي وأبو ثور . وقيل : لا يكون المحارب في المصر محاربا وهو قول أبي حنيفة وسفيان الثوري وإسحاق . والذي نظر إليه مالك هو عموم معنى لفظ الحرابة والذي نظر إليه مخالفوه هو الغالب في العرف لندرة الحرابة في المصر . وقد كانت نزلت بتونس قضية لص اسمه " وناس " أخاف أهل تونس بحيله في السرقة وكان يحمل السلاح فحكم عليه بحكم المحارب في مدة الأمير محمد الصادق باي وقتل شنقا بباب سويقة .
ومعنى ( يسعون في الأرض فسادا ) أنهم يكتسبون الفساد ويجتنونه ويجترحونه لأن السعي قد استعمل بمعنى الاكتساب واللم قال تعالى ( ومن أراد الآخرة وسعى لها سعيها ) . ويقولون : سعى فلان لأهله أي اكتسب لهم وقال تعالى ( لتجزى كل نفس بما تسعى ) .
وصاحب الكشاف جعله هنا بمعنى المشي فجعل ( فسادا ) حالا أو مفعولا لأجله ولقد نظر إلى أن غالب عمل المحارب هو السعي والتنقل ويكون الفعل منزلا منزلة اللازم اكتفاء بدلالة المفعول لأجله . وجوز أن يكون سعى بمعنى أفسد فجعل ( فسادا ) مفعولا مطلقا . ولا يعرف استعمال سعى بمعنى أفسد .
والفساد : إتلاف الأنفس والأموال فالمحارب يقتل الرجل لأخذ ما عليه من الثياب ونحو ذلك .
و ( يقتلوا ) مبالغة في يقتلوا كقول امرئ القيس : .
" في أعشار قلب مقتل قصد من المبالغة هنا إيقاعه بدون لين ولا رفق تشديدا عليهم وكذلك الوجه في قوله ( يصلبوا ) .
والصلب : وضع الجاني الذي يراد قتله مشدودا على خشبة ثم قتله عليها طعنا بالرمح في موضع القتل . وقيل : الصلب بعد القتل . والأول قول مالك والثاني مذهب أشهب والشافعي .
A E