وب سایت رسمی مجمع جهانى تقريب مذاهب اسلامى

اهم اخبار تقریب مذاهب اسلامی

مجمع جهانى تقريب مذاهب اسلامى
سایت رسمی مجمع جهانى تقريب مذاهب اسلامى

ويحتمل أن هذا الندم لم يكن ناشئا عن خوف عذاب الله ولا قصد توبة فلذلك لم ينفعه . فجاء في الصحيح " ما من نفس تقتل ظلما إلا كان على ابن آدم الأول كفل من دمها ذلك لأنه أول من سن القتل " . ويحتمل أن يكون دليلا لمن قالوا : إن القاتل لا تقبل توبته وهو مروي عن ابن عباس وقد تقدم عند قوله تعالى ( ومن يقتل مؤمنا متعمدا فجزاؤه جهنم خالدا فيها ) الآية من سورة النساء .
( من أجل ذلك كتبنا على بني إسرائيل أنه من قتل نفسا بغير نفس أو فساد في الأرض فكأنما قتل الناس جميعا ومن أحياها فكأنما أحيا الناس جميعا ) يتعين أن يكون ( من أجل ذلك ) تعليلا ل ( كتبنا ) وهو مبدأ الجملة ويكون منتهى التي قبلها قوله ( من النادمين ) . وليس قوله ( من أجل ذلك ) متعلقا ب ( النادمين ) تعليلا له للاستغناء عنه بمفاد الفاء في قوله ( فأصبح ) .
و ( من ) للابتداء . والأجل الجراء والتسبب أصله مصدر أجل يأجل ويأجل كنصر وضرب بمعنى جنى واكتسب . وقيل : هو خاص باكتساب الجريمة فيكون مرادفا لجنى وجرم ومنه الجناية والجريمة . غير أن العرب توسعوا فأطلقوا الأجل على المكتسب مطلقا بعلاقة الإطلاق .
والابتداء الذي استعملت له ( من ) هنا مجازي شبه سبب الشيء بابتداء صدوره وهو مثار قولهم : إن من معاني ( من ) التعليل فإن كثرة دخولها على كلمة ( أجل ) أحدث فيها معنى التعليل وكثر حذف كلمة أجل بعدها محدث فيها معنى التعليل كما في قول الأعشى : .
فآليت لا أرثي لها من كلالة ... ولا من حفى حتى ألاقي محمدا واستفيد التعليل من مفاد الجملة . وكان التعليل بكلمة من أجل أقوى منه بمجرد اللام ولذلك اختير هنا ليدل على أن هذه الواقعة كانت هي السبب في تهويل أمر القتل وإظهار مثالبه .
وفي ذكر اسم الإشارة وهو خصوص ( ذلك ) قصد استيعاب جميع المذكور .
وقرأ الجمهور ( من أجل ذلك ) بسكون نون ( من ) وإظهار همزة ( أجل ) .
وقراءة ورش عن نافع بفتح النون وحذف همزة أجل على طريقته . وقرأ أبو جعفر ( من اجل ذلك ) بكسر نون ( من ) وحذف همزة أجل بعد نقل حركتها إلى النون فصارت غير منطوق بها .
ومعنى ( كتبنا ) شرعنا كقوله ( كتب عليكم الصيام ) .
ومفعول ( كتبنا ) مضمون جملة ( أنه من قتل نفسا بغير نفس أو فساد في الأرض فكأنما قتل الناس جميعا ) .
و ( أن ) من قوله ( أنه ) بفتح الهمزة أخت ( إن ) المكسورة الهمزة وهي تفيد المصدرية وضمير ( أنه ) ضمير الشأن أي كتبنا عليهم شأنا مهما هو مماثلة قتل نفس واحدة بغير حق لقتل القاتل الناس أجمعين .
ووجه تحصيل هذا المعنى من هذا التركيب يتضح ببيان موقع حرف ( أن ) المفتوح الهمزة المشدد النون فهذا الحرف لا يقع في الكلام إلا معمولا لعامل قبله يقتضيه فتعين أن الجملة بعد ( أن ) بمنزلة المفرد المعمول للعامل فلزم أن الجملة بعد ( أن ) مؤولة بمصدر يسبك أي يؤخذ من خبر ( أن ) .
وقد اتفق علماء العربية على كون ( أن ) المفتوحة الهمزة المشددة النون أختا لحرف ( إن ) المكسورة الهمزة وأنها تفيد التأكيد مثل أختها .
واتفقوا على كون ( أن ) المفتوحة الهمزة من الموصولات الحرفية الخمسة التي يسبك مدخولها بمصدر . وبهذا تزيد ( أن ) المفتوحة على ( إن ) المكسورة .
وخبر ( أن ) في هذه الآية جملة ( من قتل نفسا بغير نفس ) الخ . وهي مع ذلك مفسرة لضمير الشأن .
ومفعول ( كتبنا ) مأخوذ من جملة الشرط وجوابه وتقديره : كتبنا مشابهة قتل نفس بغير نفس الخ بقتل الناس أجمعين في عظيم الجرم .
A E