وب سایت رسمی مجمع جهانى تقريب مذاهب اسلامى

اهم اخبار تقریب مذاهب اسلامی

مجمع جهانى تقريب مذاهب اسلامى
سایت رسمی مجمع جهانى تقريب مذاهب اسلامى

وعلى هذا الوجه جرى كلام المفسرين والنحويين . ووقع في لسان العرب عن الفراء ما حاصله : إذا جاءت ( أن ) بعد القول وما تصرف منه وكانت تفسيرا للقول ولم تكن حكاية له نصبتها " أي فتحت همزتها " مثل قولك : قد قلت لك كلاما حسنا أن أباك شريف تفتح ( أن ) لأنها فسرت " كلاما " وهو منصوب " أي مفعول لفعل قلت " فمفسره منصوب أيضا على المفعولية لأن البيان له إعراب المبين " . فالفراء يثبت لحرف ( أن ) معنى التفسير علاوة على ما يثبته له جميع النحويين من معنى المصدرية فصار حرف ( أن ) بالجمع بين القولين دالا على معنى التأكيد باطراد ودالا معه على معنى المصدرية تارة وعلى معنى التفسير تارة أخرى بحسب اختلاف المقام . ولعل الفراء ينحو إلى أن حرف ( أن ) المفتوحة الهمزة مركب من حرفين هما حرف ( إن ) المكسورة الهمزة المشددة النون وحرف ( أن ) المفتوحة الهمزة الساكنة النون التي تكون تارة مصدرية وتارة تفسيرية ؛ ففتح همزته لاعتبار تركيبه من ( أن ) المفتوحة الهمزة الساكنة النون مصدرية أو تفسيرية وتشديد نونه لاعتبار تركيبه من ( إن ) المكسورة الهمزة المشددة النون وأصله و " أن إن " فلما ركبا تداخلت حروفهما كما قال بعض النحويين : إن أصل " لن " " لا أن " .
وهذا بيان أن قتل النفس بغير حق جرم فظيع كفظاعة قتل الناس كلهم . والمقصود التوطئة لمشروعية القصاص المصرح به في الآية الآتية ( وكتبنا عليهم فيها أن النفس بالنفس ) الآية .
والمقصود من الإخبار بما كتب على بني إسرائيل بيان للمسلمين أن حكم القصاص شرع سالف ومراد لله قديم لأن لمعرفة تاريخ الشرائع تبصرة للمتفقهين وتطمينا لنفوس المخاطبين وإزالة لما عسى أن يعترض من الشبه في أحكام خفيت مصالحها كمشروعية القصاص فإنه قد يبدو للأنظار القاصرة أنه مداواة بمثل الداء المتداوى منه حتى دعا ذلك الاشتباه بعض الأمم إلى إبطال حكم القصاص بعلة أنهم لا يعاقبون المذنب بذنب آخر وهي غفلة دق مسلكها عن انحصار الارتداع عن القتل في تحقق المجازاة بالقتل ؛ لأن النفوس جبلت على حب البقاء وعلى حب إرضاء القوة الغضبية فإذا علم عند الغضب أنه إذا قتل فجزاؤه القتل ارتدع وإذا طمع في أن يكون الجزاء دون القتل أقدم على إرضاء قوته الغضبية ثم علل نفسه بأن ما دون القصاص يمكن الصبر عليه والتفادي منه . وقد كثر ذلك عند العرب وشاع في أقوالهم وأعمالهم قال قائلهم وهو قيس بن زهير العبسي : .
شفيت النفس من حمل بن بدر ... وسيفي من حذيفة قد شفاني ولذلك قال الله تعالى ( ولكم في القصاص حياة يا أولي الألباب ) .
ومعنى التشبيه في قوله ( فكأنما قتل الناس جميعا ) حث جميع الأمة على تعقب قاتل النفس وأخذه أينما ثقف والامتناع من إيوائه أو الستر عليه كل مخاطب على حسب مقدرته وبقدر بسطة يده في الأرض من ولاة الأمور إلى عامة الناس . فالمقصود من ذلك التشبيه تهويل القتل وليس المقصود أنه قد قتل الناس جميعا ألا ترى أنه قابل للعفو من خصوص أولياء الدم دون بقية الناس . على أن فيه معنى نفسانيا جليلا وهو أن الداعي الذي يقدم بالقاتل على القتل يرجع إلى ترجيح إرضاء الداعي النفساني الناشئ عن الغضب وحب الانتقام على دواعي احترام الحق وزجر النفس والنظر في عواقب الفعل من نظم العالم فالذي كان من حيلته ترجيح ذلك ا لداعي الطفيف على جملة هذه المعاني الشريفة فذلك ذو نفس يوشك أن تدعوه دوما إلى هضم الحقوق فكلما سنحت له الفرصة قتل ولو دعته أن يقتل الناس جميعا لفعل . ولك أن تجعل المقصد من التشبيه توجيه حكم القصاص وحقيته وأنه منظور فيه لحق المقتول بحيث لو تمكن لما رضي إلا بجزاء قاتله بمثل جرمه ؛ فلا يتعجب أحد من حكم القصاص قائلا : كيف نصلح العالم بمثل ما فسد به وكيف نداوي الداء بداء آخر فبين لهم أن قاتل النفس عند ولي المقتول كأنما قتل الناس جميعا .
وقد ذكرت وجوه في بيان معنى التشبيه لا يقبلها النظر .
A E