وب سایت رسمی مجمع جهانى تقريب مذاهب اسلامى

اهم اخبار تقریب مذاهب اسلامی

مجمع جهانى تقريب مذاهب اسلامى
سایت رسمی مجمع جهانى تقريب مذاهب اسلامى

ومعنى ( من أصحاب النار ) أي ممن يطول عذابه في النار لأن أصحاب النار هم ملازموها .
A E وقوله ( فطوعت له نفسه قتل أخيه ) دلت الفاء على التفريع والتعقيب ودل ( طوع ) على حدوث تردد في نفس قابيل ومغالبة بين دافع الحسد ودافع الخشية فعلمنا أن المفرع عنه محذوف تقديره : فتردد مليا أو فترصد فرصا فطوعت له نفسه . فقد قيل : إنه بقي زمانا يتربص بأخيه ( وطوع ) معناه جعله طائعا أي مكنه من المطوع . والطوع والطواعية : ضد الإكراه والتطويع : محاولة الطوع . شبه قتل أخيه بشيء متعاص عن قابيل ولا يطيعه بسبب معارضة التعقل والخشية . وشبهت داعية القتل في نفس قابيل بشخص يعنيه ويذلل له القتل المتعاصي فكان ( طوعت ) استعارة تمثيلية والمعنى الحاصل من هذا التمثيل أن نفس قابيل سولت له قتل أخيه بعد ممانعة .
وقد سلك في قوله ( فطوعت له نفسه قتل أخيه فقتله ) مسلك الإطناب وكان مقتضى الإيجاز أن يحذف ( فطوعت له نفسه قتل أخيه ) ويقتصر على قوله ( فقتله ) لكن عدل عن ذلك لقصد تفظيع حالة القاتل في تصوير خواطره الشريرة وقساوة قلبه إذ حدثه بقتل من كان شأنه الرحمة به والرفق فلم يكن ذلك إطنابا . ومعنى ( فأصبح من الخاسرين ) صار ويكون المراد بالخسارة هنا خسارة الآخرة أي صار بذلك القتل ممن خسر الآخرة ويجوز إبقاء ( أصبح ) على ظاهرها أي غدا خاسرا في الدنيا . والمراد بالخسارة ما يبدو على الجاني من الاضطراب وسوء الحالة وخيبة الرجاء فتفيد أن القتل وقع في الصباح .
( فبعث الله غرابا يبحث في الأرض ليريه كيف يواري سوءة أخيه قال يا ويلتى أعجزت أن أكون مثل هذا الغراب فأواري سوءة أخي ) البعث هنا مستعمل في الإلهام بالطيران إلى ذلك المكان أي فألهم الله غرابا ينزل بحيث يراه قابيل . وكأن اختيار الغراب لهذا العمل إما لأن الدفن حيلة في الغربان من قبل وإما لأن الله اختاره لذلك لمناسبة ما يعتري الناظر إلى سواد لونه من الانقباض بما للأسيف الخاسر من انقباض النفس . ولعل هذا هو الأصل في تشاؤم العرب بالغراب فقالوا : غراب البين .
والضمير المستتر في ( يريه ) إن كان عائدا إلى اسم الجلالة فالتعليل المستفاد من اللام وإسناد الإرادة حقيقتان وإن كان عائدا إلى الغراب فاللام مستعملة في معنى فاء التفريع وإسناد الإرادة إلى الغراب مجاز لأنه سبب الرؤية فكأنه مريء . و ( كيف ) يجوز أن تكون مجردة عن الاستفهام مرادا منها الكيفية أو للاستفهام والمعنى : ليريه جواب كيف يواري .
والسوأة : ما تسوء رؤيته وهي هنا تغير رائحة القتيل وتقطع جسمه .
وكلمة ( يا ويلتا ) من صيغ الاستغاثة المستعملة في التعجب وأصله يا لويلتي فعوضت الألف عن لام الاستغاثة نحو قولهم : يا عجبا ويجوز أن يجعل الألف عوضا عن ياء المتكلم وهي لغة ويكون النداء مجازا بتنزيل الويلة منزلة ما ينادى كقوله ( يا حسرتى على ما فرطت في جنب الله ) .
والاستفهام في ( أعجزت ) إنكاري .
وهذا المشهد العظيم هو مشهد أول حضارة في البشر وهي من قبيل طلب ستر المشاهد المكروهة . وهو أيضا مشهد أول علم اكتسبه البشر بالتقليد وبالتجربة وهو أيضا مشهد أول مظاهر تلقي البشر معارفه من عوالم أضعف منه كما تشبه الناس بالحيوان في الزينة فلبسوا الجلود الحسنة الملونة وتكللوا بالريش الملون وبالزهور والحجارة الكريمة فكم في هذه الآية من عبرة للتاريخ والدين والخلق .
( فأصبح من النادمين [ 31 ] ) القول فيه كالقول في ( فأصبح من الخاسرين ) . ومعنى ( من النادمين ) أصبح نادما أشد ندامة لأن ( من النادمين ) أدل على تمكن الندامة من نفسه من أن يقال ( نادما ) . كما تقدم عند قوله تعالى ( وكان من الكافرين ) وقوله ( فتكونا من الظالمين ) في سورة البقرة .
والندم أسف الفاعل على فعل صدر منه ؛ لم يتفطن لما فيه عليه من مضرة قال تعالى ( أن تصيبوا قوما بجهالة فتصبحوا على ما فعلتم نادمين ) أي ندم على ما اقترف من قتل أخيه إذ رأى الغراب يحتفل بإكرام أخيه الميت ورأى نفسه يجترئ على قتل أخيه وما إسراعه إلى تقليد الغراب في دفن أخيه إلا مبدأ الندامة وحب الكرامة لأخيه .
A E