وب سایت رسمی مجمع جهانى تقريب مذاهب اسلامى

اهم اخبار تقریب مذاهب اسلامی

مجمع جهانى تقريب مذاهب اسلامى
سایت رسمی مجمع جهانى تقريب مذاهب اسلامى

وقوله في الجواب ( إنما يتقبل الله من المتقين ) موعظة وتعريض وتنصل مما يوجب قتله . يقول : القبول فعل الله لا فعل غيره وهو يتقبل من المتقي لا من غيره . يعرض به أنه ليس بتقي ولذلك لم يتقبل الله منه . وآية ذلك أنه يضمر قتل النفس . ولذا فلا ذنب لمن تقبل الله قربانه يستوجب القتل . وقد أفاد قول ابن آدم حصر القبول في أعمال المتقين فإذا كان المراد من المتقين معناه المعروف شرعا المحكي بلفظه الدال عليه مراد ابن آدم كان مفاد الحصر أن عمل غير المتقي لا يقبل ؛ فيحتمل أن هذا كان شريعتهم ثم نسخ في الإسلام بقبول الحسنات من المؤمن وإن لم يكن متقيا في سائر أحواله ؛ ويحتمل أن يراد بالمتقين المخلصون في العمل فيكون عدم القبول أمارة علة عدم الإخلاص وفيه إخراج لفظ التقوى عن المتعارف ؛ ويحتمل أن يريد بالتقبل تقبلا خاصا وهو التقبل التام الدال عليه احتراق القربان فيكون على حد قوله تعالى ( هدى للمتقين ) أي هدى كاملا لهم وقوله ( والآخرة عند ربك للمتقين ) أي الآخرة الكاملة ويحتمل أن يريد تقبل القرابين خاصة ؛ ويحتمل أن يراد المتقين بالقربان أي المريدين به تقوى الله وأن أخاه أراد بقربانه بأنه المباهاة .
ومعنى هذا الحصر أن الله لا يتقبل من غير المتقين وكان ذلك شرع زمانهم .
وقوله ( لئن بسطت إلي يدك لتقتلني ) الخ موعظة لأخيه ليذكره خطر هذا الجرم الذي أقدم عليه . وفيه إشعار بأنه يستطيع دفاعه ولكنه منعه منه خوف الله تعالى . والظاهر أن هذا اجتهاد من هابيل في استعظام جرم قتل النفس ولو كان القتل دفاعا . وقد علم الأخوان ما هو القتل بما يعرفانه من ذبح الحيوان والصيد فكان القتل معروفا لهما ولهذا عزم عليه قابيل فرأى هابيل للنفوس حرمة ولو كانت ظالمة ورأى في الاستسلام لطالب قتله إبقاء على حفظ النفوس لإكمال مراد الله من تعمير الأرض . ويمكن أن يكونا تلقيا من أبيهما الوصاية بحفظ النفوس صغيرها وكبيرها ولو كان في وقت الدفاع ولذلك قال ( إني أخاف الله رب العالمين ) . فقوله ( إني أخاف الله ) يدل على أن الدفاع بما يفضي إلى القتل كان محرما وأن هذا شريعة منسوخة لأن الشرائع تبيح للمعتدى عليه أن يدافع عن نفسه ولو بقتل المعتدي ولكنه لا يتجاوز الحد الذي يحصل به الدفاع . وأما حديث " إذا التقى المسلمان بسيفيهما فالقاتل والمقتول في النار " فذلك في القتال على الملك وقصد التغالب الذي ينكف فيه المعتدي بتسليم الآخر له ؛ فأمر رسول الله صلى الله عليه وسلم أصلح الفريقين بالتسليم للآخر وحمل التبعة عليه تجنبا للفتنة وهو الموقف الذي وقفه عثمان Bه رجاء الصلاح .
ومعنى ( أريد ) : أريد من إمساكي عن الدفاع .
وأطلقت الإرادة على العزم كما في قوله تعالى ( قال إني أريد أن أنكحك إحدى ابنتي هاتين وقوله يريد الله بكم اليسر ) . فالجملة تعليل للتي قبلها ولذلك فصلت وافتتحت ب ( إن ) المشعرة بالتعليل بمعنى فاء التفريع .
و ( تبوء ) ترجع وهو رجوع مجازي أي تكتسب ذلك من فعلك فكأنه خرج يسعى لنفسه فباء بإثمين .
والأظهر في معنى قوله ( بإثمي ) ما له من الآثام الفارطة في عمره أي أرجو أن يغفر لي وتحمل ذنوبي عليك . وفي الحديث " يؤتى بالظالم والمظلوم يوم القيامة فيؤخذ من حسنات الظالم فيزاد في حسنات المظلوم حتى ينتصف فإن لم يكن له حسنات أخذ من سيئات المظلوم فتطرح عليه " . رواه مسلم فإن كان قد قال هذا عن علم من وحي فقد كان مثل ما شرع في الإسلام وإن كان قد قاله عن اجتهاد فقد أصاب في اجتهاده وإلهامه ونطق عن مثل نبوءة .
ومصدر ( أن تبوء ) هو مفعول ( أريد ) أي أريد من الإمساك عن أن أقتلك إن أقدمت على قتلي أريد أن يقع إثمي عليك فإثم مراد به الجنس أي ما عسى أن يكون له من إثم . وقد أراد بهذا موعظة أخيه ولذلك عطف عليه قوله ( وإثمك ) تذكيرا له بفظاعة عاقبة فعلته كقوله تعالى ( ليحملوا أوزارهم كاملة يوم القيامة ومن أوزار الذين يضلونهم بغير علم ) . فعطف قوله ( وإثمك ) إدماج بذكر ما يحصل في نفس الأمر وليس هو مما يريده . وكذلك قوله ( فنكون من أصحاب النار ) تذكيرا لأخيه بما عسى أن يكفه عن الاعتداء