وب سایت رسمی مجمع جهانى تقريب مذاهب اسلامى

اهم اخبار تقریب مذاهب اسلامی

مجمع جهانى تقريب مذاهب اسلامى
سایت رسمی مجمع جهانى تقريب مذاهب اسلامى

والذي يجب اعتقاده بنص القرآن : أن المسيح لم يقتل ولا صلب وأن الله رفعه إليه ونجاه من طالبيه وأما ما عدا ذلك فالأمر فيه محتمل . وقد تقدم الكلام في رفعه في قوله تعالى ( إني متوفيك ورافعك إلي ) في سورة آل عمران .
A E وقوله ( وإن الذين اختلفوا فيه لفي شك منه ) يدل على وقوع خلاف في شأن قتل المسيح . والخلاف فيه موجود بين المسيحين : فجمهورهم يقولون : قتلته اليهود وبعضهم يقول : لم يقتله اليهود ولكن قتلوا يهوذا الاسخريوطي الذي شبه لهم بالمسيح وهذا الاعتقاد مسطور في إنجيل برنابي الذي تعتبره الكنيسية اليوم كتابا محرفا فالمعنى أن معظم النصارى المختلفين في شأنه غير مؤمنين بصلبه . بل يخالج أنفسهم الشك ويتظاهرون باليقين وما هو باليقين فما لهم به من علم قاطع إلا اتباع الظن . فالمراد بالظن هنا : معنى الشك وقد أطلق الظن على هذا في مواضع كثيرة من كلام العرب وفي القرآن ( إن بعض الظن إثم ) وفي الحديث الصحيح ( إياكم والظن فإن الظن أكذب الحديث ) . فالاستثناء في قوله ( إلا اتباع الظن ) منقطع كقول النابغة : .
حلفت يمينا غير ذي مثنوية ... ولا علم إلا حسن ظن بصاحب ( وما قتلوه يقينا [ 157 ] بل رفعه الله إليه وكان الله عزيزا حكيما [ 158 ] ) يجوز أن يكون معطوفا على قوله ( وما قتلوه وما صلبوه ) ويجوز أن يعطف على قوله ( ما لهم به من علم ) .
واليقين : العلم الجازم الذي لا يحتمل الشك فهو اسم مصدر والمصدر اليقين بالتحريك يقال : يقن كفرح ييقن يقنا وهو مصدر قليل الاستعمال ويقال : أيقن يوقن إيقانا وهو الشائع .
وقوله ( يقينا ) يجوز أن يكون نصب على النيابة عن المفعول المطلق المؤكد لمضمون جملة قبله : لأن مضمون ( وما قتلوه يقينا ) بعد قوله ( وقولهم إنا قتلنا المسيح إلى قوله وما قتلوه وما صلبوه ولكن شبه لهم ) يدل على أن انتفاء قتلهم إياه أمر متيقن فصح أن يكون يقينا مؤكدا لهذا المضمون . ويصح أن يكون في موضع الحال من الواو في ( قتلوه ) أي ما قتلوه متيقنين قتله ويكون النفي منصبا على القيد والمقيد معا بقرينة قوله قبله ( وما قتلوه وما صلبوه ) أي : هم في زعمهم قتله ليسوا بموقنين بذلك للاضطراب الذي حصل في شخصه حين إمساك من أمسكوه وعلى هذا الوجه فالقتل مستعمل في حقيقته . وضمير النصب في ( قتلوه ) عائد إلى عيسى بن مريم عليه السلام .
ويجوز أن يكون القتل مستعملا مجازا في التمكن من الشيء والتغلب عليه كقولهم : قتل الخمر إذا مزجها حتى أزال قوتها وقولهم : قتل أرضا عالمها ومن شعر الحماسة في باب الهجاء : .
يروعك من سعد ابن عمرو جسومها ... وتزهد فيها حين تقتلها خبرا وقول الشاعر : .
كذلك تخبر عنها العالمات بها ... وقد قتلت بعلمي ذلكم يقنا وقول الآخر : .
قتلتني الأيام حين قتلتها ... خبرا فأبصر قاتلا مقتولا وضمير النصب في ( قتلوه ) عائد إلى العلم من قوله تعالى ( ما لهم به من علم ) فيكون ( يقينا ) على هذا تمييزا لنسبة ( قتلوه ) .
ولذلك كله أعقب بالإبطال بقوله ( بل رفعه الله إليه ) أي فلم يظفروا به . والرفع : إبعاده عن هذا العالم إلى عالم السماوات و ( إلى ) إفادة الانتهاء المجازي بمعنى التشريف أي رفعه الله رفع قرب وزلفى .
وقد تقدم الكلام على معنى هذا الرفع وعلى الاختلاف في أن عيسى عليه السلام بقي حيا أو أماته الله عند قوله تعالى ( إني متوفيك ورافعك إلي ) في سورة آل عمران .
والتذييل بقوله ( وكان الله عزيزا حكيما ) ظاهر الموقع لأنه لما عز فقد حق لعزه أن يعز أولياءه ولما كان حكيما فقد أتقن صنع هذا الرفع فجعله فتنة للكافرين وتبصرة للمؤمنين وعقوبة ليهوذا الخائن .
( وإن من أهل الكتاب إلا ليؤمنن به قبل موته ويوم القيامة يكون عليهم شهيدا [ 159 ] ) عطف على جملة ( وما قتلوه ) وهذا الكلام إخبار عنهم وليس أمرا لهم لأن وقوع لام الابتداء فيه ينادي على الخبرية . و ( إن ) نافية و ( من أهل الكتاب ) صفة لموصوف محذوف تقديره : أحد .
A E