وب سایت رسمی مجمع جهانى تقريب مذاهب اسلامى

اهم اخبار تقریب مذاهب اسلامی

مجمع جهانى تقريب مذاهب اسلامى
سایت رسمی مجمع جهانى تقريب مذاهب اسلامى

والظاهر أن المراد بالكافرين هنا مشركو مكة وأهل الكتاب من أهل المدينة لأن المنافقين كانوا في الأكثر موالين لأهل الكتاب .
A E وقوله ( أتريدون أن تجعلوا لله عليكم سلطانا مبينا ) استئناف بياني لأن النهي عن اتخاذ الكافرين أولياء مما يبعث الناس على معرفة جزاء هذا الفعل مع ما ذكرناه من قصد التشهير بالمنافقين والتسجيل عليهم أي أنكم إن استمررتم على موالاة الكافرين جعلتم لله عليكم سلطانا مبينا أي حجة واضحة على فساد إيمانكم فهذا تعريض بالمنافقين .
فالاستفهام مستعمل في معنى التحذير والإنذار مجازا مرسلا .
وهذا السلطان هو حجة الرسول عليهم بأنهم غير مؤمنين فتجري عليهم أحكام الكفر لأن الله عالم بما في نفوسهم لا يحتاج إلى حجة عليهم أو أريد حجة افتضاحهم يوم الحساب بموالاة الكافرين كقوله ( لئلا يكون للناس على الله حجة بعد الرسل ) . ومن هنا يجوز أيضا أن يكون المراد من الحجة قطع حجة من يرتكب هذه الموالاة والإعذار إليه .
( إن المنافقين في الدرك الأسفل من النار ولن تجد لهم نصيرا [ 145 ] إلا الذين تابوا وأصلحوا واعتصموا بالله وأخلصوا دينهم لله فأولئك مع المؤمنين وسوف يؤت الله المؤمنين أجرا عظيما [ 146 ] ) .
عقب التعريض بالمنافقين من قوله ( لا تتخذوا الكافرين أولياء ) كما تقدم بالتصريح بأن المنافقين أشد أهل النار عذابا . فإن الانتقال من النهي عن اتخاذ الكافرين أولياء إلى ذكر حال المنافقين يؤذن بأن الذين اتخذوا الكافرين أولياء معدودون من المنافقين فإن لانتقالات جمل الكلام معاني لا يفيدها الكلام لما تدل عليه من ترتيب الخواطر في الفكر .
وجملة ( إن المنافقين ) مستأنفة استئنافا بيانيا ثانيا إذ هي عود إلى أحوال المنافقين . وتأكيد الخبر ب ( إن ) لإفادة أنه لا محيص لهم عنه .
والدرك : اسم جمع دركة ضد الدرج اسم جمع درجة . والدركة المنزلة في الهبوط . فالشيء الذي يقصد أسفله تكون منازل التدلي إليه دركات والشيء الذي يقصد أعلاه منازل الرقي إليه درجات وقد يطلق الاسمان على المنزلة الواحدة باختلاف الاعتبار, وإنما كان المنافقون في الدرك الأسفل أي في أذل منازل العذاب لأن كفرهم أسوأ الكفر لم حف به من الرذائل .
وقرأ الجمهور : ( في الدرك ) " بفتح الراء " على أنه اسم جمع دركة ضد الدرجة . وقرأه عاصم وحمزة والكسائي وخلف " بسكون الراء " وهما لغتان . وفتح الراء هو الأصل وهو أشهر .
والخطاب في ( ولن تجد لهم نصيرا ) لكل من يصح منه سماع الخطاب وهو تأكيد للوعيد وقطع لرجائهم لأن العرب ألفوا الشفاعات والنجدات في المضائق . فلذلك كثر في القرآن تذييل الوعيد بقطع الطمع في النصير والفداء ونحوهما .
واستثنى من هذا الوعيد من آمن من المنافقين وأصلح حاله واعتصم بالله دون الاعتزاز بالكافرين وأخلص دينه لله فلم يشبه بتردد ولا تربص بانتظار من ينتصر من الفريقين : المؤمنين والكافرين فأخبر أن من صارت حاله إلى هذا الخير فهو مع المؤمنين وفي لفظ ( مع ) إيماء إلى فضيلة من آمن من أول الأمر ولم يصم نفسه بالنفاق لأن ( مع ) تدخل على المتبوع وهو الأفضل .
وجيء باسم الإشارة في قوله ( فأولئك مع المؤمنين ) لزيادة تمييز هؤلاء الذين تابوا وللتنبيه على أنهم أحرياء بما سيرد بعد اسم الإشارة .
وقد علم الناس ما أعد الله للمؤمنين بما تكرر في القرآن ولكن زاده هنا تأكيدا بقوله ( وسوف يؤتي الله المؤمنين أجرا عظيما ) . وحرف التنفيس هنا دل على أن المراد من الأجر أجر الدنيا وهو النصر وحسن العاقبة وأجر الآخرة إذ الكل مستقبل وأن ليس المراد منه الثواب لأنه حصل من قبل .
( ما يفعل الله بعذابكم إن شكرتم وأمنتم وكان الله شاكرا عليما [ 147 ] ) تذييل لكلتا الجملتين : جملة ( إن المنافقين في الدرك الأسفل من النار ) مع الجملة المتضمنة لاستثناء من يتوب منهم ويؤمن وما تضمنته من التنويه بشأن المؤمنين من قوله ( وسوف يؤتي الله المؤمنين أجرا عظيما )