وب سایت رسمی مجمع جهانى تقريب مذاهب اسلامى

اهم اخبار تقریب مذاهب اسلامی

مجمع جهانى تقريب مذاهب اسلامى
سایت رسمی مجمع جهانى تقريب مذاهب اسلامى

ثم جاء بحال تعبر عن جامع نفاقهم وهي قوله ( مذبذبين بين ذلك ) وهو حال من ضمير ( يراءون ) .
A E والمذبذب اسم مفعول من الذبذبة . يقال : ذبذبه فتذبذب . والذبذبة : شدة الاضطراب من خوف أو خجل قيل : إن الذبذبة مشتقة من تكوير ذب إذا طرد لأن المطرود يعجل ويضطرب فهو من الأفعال التي أفادت كثرة المصدر بالتكرير مثل زلزل ولملم بالمكان وصلصل وكبكب وفيه لغة بدالين مهملتين وهي التي تجري في عاميتنا اليوم يقولون : رجل مذبذب أي يفعل الأشياء على غير صواب ولا توفيق . فقيل : إنها مشتقة من الدبة بضم الدال وتشديد الباء الموحدة أي الطريقة بمعنى أنه يسلك مرة هذا الطريق ومرة هذا الطريق .
والإشارة بقوله ( بين ذلك ) إلى ما استفيد من قوله ( يراءون الناس ) لأن الذي يقصد من فعله إرضاء الناس لا يلبث أن يصير مذبذبا إذ يجد في الناس أصنافا متباينة المقاصد والشهوات . ويجوز جعل الإشارة راجعة إلى شيء غير مذكور ولكن إلى ما من شأنه أن يشار إليه أي مذبذبين بين طرفين كالإيمان والكفر .
وجملة ( لا إلى هؤلاء ولا إلى هؤلاء ) صفة ل ( مذبذبين ) لقصد الكشف عن معناه لما فيه من خفاء الاستعارة أو هي بيان لقوله ( مذبذبين بين ذلك ) . و ( هؤلاء ) أحدهما إشارة إلى المؤمنين والآخر إشارة إلى الكافرين من غير تعيين إذ ليس في المقام إلا فريقان فأيها جعلته مشارا إليه بأحد اسمي الإشارة صح ذلك ونظيره قوله تعالى ( فوجد رجلين يقتتلان هذا من شيعته وهذا من عدوه ) .
والتقدير : لا هم إلى المسلمين ولا هم إلى الكافرين . و ( إلى ) متعلقة بمحذوف دل عليه معنى الانتهاء أي لا ذاهبين إلى هذا الفريق ولا إلى الفريق الآخر والذهاب الذي دلت عليه ( إلى ) ذهاب مجازي وهو الانتماء والانتساب أي هم أضاعوا النسبتين فلا هم مسلمون ولا هم كافرون ثابتون والعرب تأتي بمثل هذا التركيب المشتمل على ( لا ) النافية مكررة في غرضين : تارة يقصدون به إضاعة الأمرين كقول إحدى نساء حديث أم زرع " لا سهل فيرتقى ولا سمين فينتقل " وقوله تعالى ( فلا صدق ولا صلى ) ( لا ذلول تثير الأرض ولا تسقي الحرث ) . وتارة يقصدون به إثبات حالة وسط بين حالين كقوله تعالى ( لا شرقية ولا غربية لا فارض ولا بكر ) وقول زهير : .
" فلا هو أخفاها ولم يتقدم وعلى الاستعمالين فمعنى الآية خفي إذ ليس المراد إثبات حالة وسط للمنافقين بين الإيمان والكفر لأنه لا طائل تحت معناه . فتعين أنه من الاستعمال الأول أي ليسوا من المؤمنين ولا من الكافرين وهم في التحقيق إلى الكافرين كما دل عليه آيات كثيرة كقوله ( الذين يتخذون الكافرين أولياء من دون المؤمنين ) وقوله ( وإن كان للكافرين نصيب قالوا ألم نستحوذ عليكم ونمنعكم من المؤمنين ) . فتعين أن المعنى أنهم أضاعوا الإيمان والانتماء إلى المسلمين . وأضاعوا الكفر بمفارقة نصرة أهله أي كانوا بحالة اضطراب وهو معنى التذبذب . والمقصود من هذا تحقيرهم وتنفير الفريقين من صحبتهم لينبذهم الفريقان .
وقوله ( فلن تجد له سبيلا ) الخطاب لغير معين والمعنى : لن تجد له سبيلا إلى الهدى بقرينة مقابلته بقوله ( فمن يضلل الله ) .
( يا أيها الذين آمنوا لا تتخذوا الكافرين أولياء من دون المؤمنين أتريدون أن تجعلوا لله عليكم سلطانا مبينا [ 144 ] ) .
أقبل على المؤمنين بالتحذير من موالاة الكافرين بعد أن شرح دخائلهم واستصناعهم للمنافقين لقصد أذى المسلمين فعلم السامع أنه لولا عداوة الكافرين لهذا الدين لما كان النفاق وما كانت تصاريف المنافقين فقال ( يا أيها الذين آمنوا لا تتخذوا الكافرين أولياء من دون المؤمنين ) فهي استئناف ابتدائي لأنها توجيه خطاب بعد الانتهاء من الإخبار عن المنافقين بطريق الغيبة . وهذه آية جامعة للتحذير من موالاة الكافرين والمنافقين ومن الوقوع في النفاق لأن المنافقين تظاهروا بالإيمان ووالوا الكافرين . فالتحذير من موالاة الكافرين تحذير من الاستشعار بشعار النفاق وتحذير من موالاة المنافقين الذين هم أولياء الكافرين . وتشهير بنفاق المنافقين وتسجيل عليهم أن لا يقولوا : كنا نجهل أن الله لا يحب موالاة الكافرين