وب سایت رسمی مجمع جهانى تقريب مذاهب اسلامى

اهم اخبار تقریب مذاهب اسلامی

مجمع جهانى تقريب مذاهب اسلامى
سایت رسمی مجمع جهانى تقريب مذاهب اسلامى

والخطاب يجوز أن يراد به جميع الأمة ويجوز أن يوجه إلى المنافقين على طريقة الالتفات من الغيبة إلى الخطاب ارتفاقا بهم .
والاستفهام في قوله ( ما يفعل الله بعذابكم ) أريد به الجواب بالنفي فهو إنكاري أي لا يفعل بعذابكم شيئا .
A E ومعنى ( يفعل ) يصنع وينتفع بدليل تعديته بالباء . والمعنى أن الوعيد الذي توعد به المنافقون إنما هو على الكفر والنفاق فإذا تابوا وأصلحوا واعتصموا بالله غفر لهم العذاب فلا يحسبوا أن الله يعذبهم لكراهة في ذاتهم أو تشف منهم ولكنه جزاء لاسوء لأن الحكيم يضع الأشياء مواضعها فيجازي على الإحسان بالإحسان وعلى الإساءة بالإساءة فإذا أقلع المسيء عن الإساءة أبطل الله جزاءه بالسوء إذ لا ينتفع بعذاب ولا بثواب ولكنها المسببات تجري على الأسباب . وإذا كان المؤمنون قد ثبتوا على إيمانهم وشكرهم وتجنبوا موالاة المنافقين والكافرين فالله لا يعذبهم إذ لا موجب لعذابهم .
وجملة ( وكان الله شاكرا عليما ) اعتراض في آخر الكلام وهو إعلام بأن الله لا يعطل الجزاء الحسن عن الذين يؤمنون به ويشكرون نعمه الجمة والإيمان بالله وصفاته أول درجات شكر العبد ربه .
( لا يحب الله الجهر بالسوء من القول إلا من ظلم وكان الله سميعا عليما [ 148 ] إن تبدوا خيرا أو تخفوه أو تعفوا عن سوء فإن الله كان عفوا قديرا [ 149 ] ) موقع هذه الآية عقب الآي التي قبلها : أن الله لما شوه حال المنافقين وشهر بفضائحهم تشهيرا طويلا كان الكلام السابق بحيث يثير في نفوس السامعين نفورا من النفاق وأحواله وبغضا للملموزين به وخاصة بعد أن وصفهم باتخاذ الكافرين أولياء من دون المؤمنين وأنهم يستهزئون بالقرآن ونهى المسلمين عن القعود معهم فحذر الله المسلمين من أن يغيظهم ذلك على من يتوسمون فيه النفاق فيجاهروهم بقول السوء ورخص لمن ظلم من المسلمين أن يجهر لظالمه بالسوء لأن ذلك دفاع عن نفسه . روى البخاري : أن رجالا اجتمعوا في بيت عتبان بن مالك لطعام صنعه لرسول الله A فقال قائل : أين مالك بن الدخشم فقال بعضهم ذلك منافق لا يحب الله ورسوله فقال رسول الله : " لا تقل ذلك ألا تراه قد قال : لا إله إلا الله يريد بذلك وجه الله . فقال : فإنا نرى وجهه ونصيحته إلى المنافقين " . الحديث . فظن هذا القائل بمالك أنه منافق لملازمته للمنافقين فوصفه بأنه منافق لا يحب الله ورسوله . فلعل هذه الآية نزلت للصد عن المجازفة بظن النفاق بمن ليس منافقا . وأيضا لما كان من أخص أوصاف المنافقين إظهار خلاف ما يبطنون فقد ذكرت نجواهم وذكر رؤياهم في هذه السورة وذكرت أشياء كثيرة من إظهارهم خلاف ما يبطنون في سورة البقرة كان ذلك يثير في النفوس خشية أن يكون إظهار خلاف ما في الباطن نفاقا فأراد الله تبين الفارق بين الحالين .
وجملة ( لا يحب ) مفصولة لأنها استئناف ابتدائي لهذا الغرض الذي بيناه : الجهر بالسوء من القول وقد علم المسلمون أن المحبة والكراهية تستحيل حقيقتهما على الله تعالى لأنهما انفعالان للنفس نحو استحسان الحسن واستنكار القبيح فالمراد لازمهما المناسب للإلهية وهما الرضا والغضب .
وصيغة ( لا يحب ) بحسب قواعد الأصول صيغة نفي الإذن . والأصل فيه التحريم . وهذا المراد هنا لأن ( لا يحب ) يفيد معنى يكره وهو يرجع إلى معنى النهي . وفي صحيح مسلم عن أبي هريرة قال رسول الله A " إن الله يرضى لكم ثلاثا ويكره لكم ثلاثا إلى قوله ويكره لكم قيل وقال وكثرة السؤال وإضاعة المال " . فهذه أمور ثلاثة أكثر أحوالها محرم أو مكروه .
والمراد بالجهر ما يبلغ إلى أسماع الناس إذ ليس السر بالقول في نفس الناطق مما ينشأ عنه ضر . وتقييده بالقول لأنه أضعف أنواع الأذى فيعلم أن السوء من الفعل أشد تحريما .
واستثنى ( من ظلم ) فرخص له الجهر بالسوء من القول . والمستثنى منه هو فاعل المصدر المقدر الواقع في سياق النفي المفيد للعموم إذ التقدير : لا يحب الله جهر أحد بالسوء أو يكون المستثنى مضافا محذوفا أي : إلا جهر من ظلم والمقصود ظاهر وقد قضي في الكلام حق الإيجاز .
A E