وب سایت رسمی مجمع جهانى تقريب مذاهب اسلامى

اهم اخبار تقریب مذاهب اسلامی

مجمع جهانى تقريب مذاهب اسلامى
سایت رسمی مجمع جهانى تقريب مذاهب اسلامى

ويجوز أن يراد : ولو على قبيلتكم أو والديكم وقرابتكم . وموقع المبالغة المستفادة من ( لو ) الوصلية أنه كان من عادة العرب أن ينتصروا بمواليهم من القبائل ويدفعوا عنهم ما يكرهونه ويرون ذلك من إباء الضيم ويرون ذلك حقا عليهم ويعدون التقصير في ذلك مسبة وعارا يقضى منه العجب . قال مرة بن عداء الفقسي : .
رأيت موالي الألى يخذلونني ... على حدثان الدهر إذ يتقلب ويعدون الاهتمام بالآباء والأبناء في الدرجة الثانية حتى يقولون في الدعاء : " فداك أبي وأمي " فكانت الآية تبطل هذه الحمية وتبعث المسلمين على الانتصار للحق والدفاع عن المظلوم . فإن أبيت إلا جعل الأنفس بمعنى ذوات الشاهدين فاجعل عطف ( الوالدين والأقربين ) بعد ذلك لقصد الاحتراس لئلا يظن أحد أنه يشهد بالحق على نفسه لأن ذلك حقه فهو أمير نفسه فيه وأنه لا يصلح له أن يشهد على والديه أو أقاربه لما في ذلك من المسبة والمعرة أو التأثم وعلى هذا تكون الشهادة مستعملة في معنى مشترك بين الإقرار والشهادة كقوله ( شهد الله أنه لا إله إلا هو والملائكة وأولوا العلم قائما بالقسط ) .
وقوله ( إن يكن غنيا أو فقيرا ) استئناف واقع موقع العلة لمجموع جملة ( كونوا قوامين بالقسط شهداء لله ) : أي إن يكن المقسط في حقه أو المشهود له غنيا أو فقيرا فلا يكن غناه ولا فقره سببا للقضاء له أو عليه والشهادة له أو عليه . والمقصود من ذلك التحذير من التأثر بأحوال يلتبس فيها الباطل بالحق لما يحف بها من عوارض يتوهم أن رعيها ضرب من إقامة المصالح وحراسة العدالة فلما أبطلت الآية التي قبلها التأثر للحمية أعقبت بهذه الآية لإبطال التأثر بالمظاهر التي تستجلب النفوس إلى مراعاتها فيتمحض نظرها إليها وتغضي بسببها عن تمييز الحق من الباطل وتذهل عنه فمن النفوس من يتوهم أن الغنى يربأ بصاحبه عن أخذ حق غيره يقول في نفسه : هذا في غنيته عن أكل حق غيره وقد أنعم الله عليه بعدم الحاجة . ومن الناس من يميل إلى الفقير رقة له فيحسبه مظلوما أو يحسب أن القضاء له بمال الغني لا يضر الغني شيئا ؛ فنهاهم الله عن هذه التأثيرات بكلمة جامعة وهي قوله ( إن يكن غنيا أو فقيرا فالله أولى بهما ) . وهذا الترديد صالح لكل من أصحاب هذين التوهمين فالذي يعظم الغني يدحض لأجله حق الفقير والذي يرق للفقير يدحض لأجله حق الغني وكلا ذلك باطل فإن الذي يراعي حال الغني والفقير ويقدر إصلاح حال الفريقين هو الله تعالى .
فقوله ( فالله أولى بهما ) ليس هو الجواب ولكنه دليله وعلته والتقدير : فلا يهمكم أمرهما عند التقاضي فالله أولى بالنظر في شأنهما وإنما عليكم النظر في الحق .
ولذلك فرع عليه قوله ( فلا تتبعوا الهوى أن تعدلوا ) فجعل الميل نحو الموالي والأقارب من الهوى والنظر إلى الفقر والغنى من الهوى .
والغني : ضد الفقير فالغنى هو عدم إلى الاحتياج إلى شيء وهو مقول عليه بالتفاوت فيعرف بالمتعلق كقوله ( كلانا غني عن أخيه حياته ) ويعرف بالعرف يقال : فلان غني بمعنى له ثروة يستطيع بها تحصيل حاجاته من غير فضل لأحد عليه فوجدان أجور الأجراء غنى وإن كان المستأجر محتاجا إلى الأجراء لأن وجدان الأجور يجعله كغير المحتاج والغنى المطلق لا يكون إلا لله تعالى .
والفقير : هو المحتاج إلا أنه يقال : افتقر إلى كذا بالتخصيص فإذا قيل : هو فقير فمعناه في العرف أنه كثير الاحتياج إلى فضل الناس أو إلى الصبر على الحاجة لقلة ثروته وكل مخلوق فقير فقرا نسبيا قال تعالى ( والله الغني وأنتم الفقراء ) .
واسم ( يكن ) ضمير مستتر عائد إلة معلوم من السياق يدل عليه قوله : ( قوامين بالقسط شهداء لله ) من معنى التخاصم والتقاضي . والتقدير : إن يكن أحد الخصمين من أهل هذا الوصف أو هذا الوصف والمراد الجنسان و ( أو ) للتقسيم وتثنية الضمير في قوله ( فالله أولى بهما ) لأنه عائد إلى ( غنيا وفقيرا ) باعتبار الجنس إذ ليس القصد إلى فرد معين ذي غنى ولا إلى فرد معين ذي فقر بل فرد شائع في هذا الجنس وفي ذلك الجنس .
A E