وب سایت رسمی مجمع جهانى تقريب مذاهب اسلامى

اهم اخبار تقریب مذاهب اسلامی

مجمع جهانى تقريب مذاهب اسلامى
سایت رسمی مجمع جهانى تقريب مذاهب اسلامى

ويجوز أن تكون الآية تعليما للمؤمنين أن لا يصدهم الإيمان عن طلب ثواب الدنيا إذ الكل من فضل الله . ويجوز أن تكون تذكيرا للمؤمنين بأن لا يلهيهم طلب خير الدنيا عن طلب الآخرة إذ الجمع بينهما أفضل وكلاهما من عند الله على نحو قوله ( فمن الناس من يقول ربنا آتنا في الدنيا وما له في الآخرة من خلاق ومنهم من يقول ربنا آتنا في الدنيا حسن وفي الآخرة حسنة وقنا عذاب النار أولئك لهم نصيب بما كسبوا ) . أو هي تعليم للمؤمنين أن لا يطلبوا خير الدنيا من طرق الحرام فإن في الحلال سعة لهم ومندوحة وليتطلبوه من الحلال يسهل لهم الله حصوله إذ الخير كله بيد الله فيوشك أن يحرم من يتطلبه من وجه لا يرضيه أو لا يبارك له فيه . والمراد بالثواب في الآية معناه اللغوي دون الشرعي وهو الخير وما يرجع به طالب النفع من وجوه النفع مشتق من ثاب بمعنى رجع . وعلى الاحتمالات كلها فجواب الشرط ب ( من كان يريد ثواب الدنيا ) محذوف تدل عليه علته والتقدير : نم كان يريد ثواب الدنيا فلا يعرض عن دين الله أو فلا يصد عن سؤاله أو فلا يقتصر على سؤاله أو فلا يحصله من وجوه لا ترضي الله تعالى : كما فعل بنو أبيرق وأضرابهم وليتطلبه من وجوه البر لأن فضل الله يسع الخيرين والكل من عنده . وهذا كقول القطامي : .
فمن تكن الحضارة أعجبته ... فأي رجال بادية ترانا التقدير : فلا يغترر أو لا يبتهج بالحضارة فإن حالنا دليل على شرف البداوة .
( يا أيها الذين أمنوا كونوا قوامين بالقسط شهداء لله ولو على أنفسكم أو الوالدين والأقربين إن يكن غنيا أو فقيرا فالله أولى بهما فلا تتبعوا الهوى أن تعدلوا وإن تلووا أو تعرضوا فإن الله كان بما تعملون خبيرا [ 135 ] ) انتقال من الأمر بالعدل في أحوال معينة من معاملات اليتامى والنساء إلى الأمر بالعدل الذي يعم الأحوال كلها وما يقارنه من الشهادة الصادقة فإن العدل في الحكم وأداء الشهادة بالحق هو قوام صلاح المجتمع الإسلامي والانحراف عن ذلك ولو قيد أنملة يجر إلى فساد متسلسل .
وصيغة ( قوامين ) دالة على الكثرة المراد لازمها وهو عدم الإخلال بهذا القيام في حال من الأحوال .
والقسط العدل وقد تقدم عند قوله تعالى ( قائما بالقسط ) في سورة آل عمران . وعدل عن لفظ العدل إلى كلمة القسط لأن القسط كلمة معربة أدخلت في كلام العرب لدلالتها في اللغة المنقولة منها على العدل في الحكم وأما لفظ العدل فأعم من ذلك ويدل لذلك تعقيبه بقوله ( شهداء لله ) فإن الشهادة من علائق القضاء والحكم .
و ( لله ) ظرف مستقر حال من ضمير ( شهداء ) أي لأجل الله وليست لام تعدية ( شهداء ) إلى مفعوله ولم يذكر تعلق المشهود له بمتعلقه وهو وصف ( شهداء ) لإشعار الوصف بتعيينه أي المشهود له بحق . وقد جمعت الآية أصلي التحاكم وهما القضاء والشهادة .
وجملة ( ولو على أنفسكم ) حالية و ( لو ) فيها وصلية وقد مضى القول في تحقيق موقع ( لو ) الوصلية عند قوله تعالى ( فلن يقبل من أحدهم ملء الأرض ذهبا ولو افتدى به ) في سورة آل عمران .
ويتعلق ( على أنفسكم ) بكل من ( قوامين ) و ( شهداء ) ليشمل القضاء والشهادة .
والأنفس : جمع نفس ؛ وأصلها أن تطلق على الذات ويطلقها العرب أيضا على صميم القبيلة فيقولون : هو من بني فلان من أنفسهم .
فيجوز أن يكون ( أنفسكم ) هنا بالمعنى المستعمل به غالبا أي : قوموا بالعدل على أنفسكم واشهدوا لله على أنفسكم أي قضاء غالبا لأنفسكم وشهادة غالبة لأنفسكم لأن حرف ( على ) مؤذن بأن متعلقة شديد فيه كلفة على المجرور بعلى أي ولو كان قضاء القاضي منكم وشهادة الشاهد منكم بما فيه ضر وكراهة للقاضي والشاهد وهذا أقصى ما يبالغ عليه في الشدة والأذى لأن أشق شيء على المرء ما يناله من أذى وضر في ذاته ثم ذكر بعد ذلك الوالدان والأقربون لأن أقضية القاضي وشهادة الشاهد فيما يلحق ضرا ومشقة بوالديه وقرابته أكثر من قضائه وشهادته فيما يؤول بذلك على نفسه .
A E