وب سایت رسمی مجمع جهانى تقريب مذاهب اسلامى

اهم اخبار تقریب مذاهب اسلامی

مجمع جهانى تقريب مذاهب اسلامى
سایت رسمی مجمع جهانى تقريب مذاهب اسلامى

فيجوز أن يكون المراد بالصلح في هذه الآية صلح المال وهو الفدية . فالشح هو شح المال وتعقيب قوله ( والصلح خير ) بقوله ( وأحضرت الأنفس ) على هذا الوجه بمنزلة قولهم بعد الأمر بما فيه مصلحة في موعظة أو نحوها : وما إخالك تفعل لقصد التحريض .
ويجوز أن يكون المراد من الشح ما جبلت عليه النفوس : من المشاحة وعدم التساهل وصعوبة الشكائم فيكون المراد من الصلح صلح المال وغيره فالمقصود من تعقيبه به تحذير الناس من أن يكونوا متلبسين بهذه المشاحة الحائلة دون المصالحة .
A E وتقدم الكلام على البخل عند قوله تعالى ( ولا يحسبن الذين يبخلون بما آتاهم الله ) في سورة آل عمران . وقد اشتهر عند العرب ذم الشح بالمال وذم من لا سماحة فيه فكان هذا التعقيب تنفيرا من العوارض المانعة من السماحة والصلح ولذلك ذيل بقوله ( وإن تحسنوا وتتقوا فإن الله كان بما تعملون خبيرا ) لما فيه من الترغيب في الإحسان والتقوى . ثم عذر الناس في شأن النساء فقال ( ولن تستطيعوا أن تعدلوا بين النساء ) أي تمام العدل . وجاء ب ( لن ) للمبالغة في النفي لأن أمر النساء يغالب النفس لأن الله جعل حسن المرأة وخلقها مؤثرا أشد التأثير فرب امرأة لبيبة خفيفة الروح وأخرى ثقيلة حمقاء فتفاوتهن في ذلك وخلو بعضهن منه يؤثر لا محالة تفاوتا في محبة الزوج بعض أزواجه ولو كان حريصا على إظهار العدل بينهن فلذلك قال ( ولو حرصتم ) . وأقام الله ميزان العدل بقوله ( فلا تميلوا كل الميل ) أي لا يفرط أحدكم بإظهار الميل إلى إحداهن أشد الميل حتى يسوء الأخرى بحيث تصير الأخرى كالمعلقة . فظهر أن متعلق ( تميلوا ) مقدر بإحداهن وأن ضمير ( تذروها ) المنصوب عائد إلى غير المتعلق المحذوف بالقرينة وهو إيجاز بديع .
والمعلقة : هي المرأة التي يهجرها زوجها هجرا طويلا فلا هي مطلقة ولا هي زوجة وفي حديث أم زرع " زوجي العشنق إن أنطق أطلق وإن أسكت أعلق " وقالت ابنة الحمارس : .
إن هي إلا حظة أو تطليق ... أو صلف أو بين ذاك تعليق وقد دل قوله ( ولن تستطيعوا إلى قوله فلا تميلوا كل الميل ) على أن المحبة أمر قهري وأن للتعلق بالمرأة أسبابا توجبه قد لا تتوفر في بعض النساء فلا يكلف الزوج بما ليس في وسعه من الحب والاستحسان ولكن من الحب حظا هو اختياري وهو أن يروض الزوج نفسه على الإحسان لامرأته وتحمل ما لا يلائمه من خلقها أو أخلاقها ما استطاع وحسن المعاشرة لها حتى يحصل من الألف بها والحنو عليها اختيارا بطول التكرر والتعود ما يقوم مقام الميل الطبيعي . فذلك من الميل إليها الموصى به في قوله ( فلا تميلوا كل الميل ) أي إلى إحداهن أو عن إحداهن .
ثم وسع الله عليهما إن لم تنجح المصالحة بينهما فأذن لهما في الفراق بقوله ( وإن يتفرقا يغن الله كلا من سعته ) .
وفي قوله ( يغن الله كلا من سعته ) إشارة إلى أن الفراق قد يكون خيرا لهما لأن الفراق خير من سوء المعاشرة . ومعنى إغناء الله كلا : إغناؤه عن الآخر . وفي الآية إشارة إلى أن إغناء الله كلا إنما يكون عن الفراق المسبوق بالسعي في الصلح .
وقوله ( وكان الله واسعا حكيما ) تذييل وتنهية للكلام في حكم النساء .
( ولله ما في السماوات وما في الأرض ولقد وصينا الذين أوتوا الكتاب من قبلكم وإياكم أن اتقوا الله وإن تكفروا فإن لله ما في السماوات وما في الأرض وكان الله غنيا حميدا [ 131 ] ولله ما في السماوات وما في الأرض وكفى بالله وكيلا [ 132 ] إن يشأ يذهبكم أيها الناس ويأت بآخرين وكان الله على ذلك قديرا [ 133 ] ) جملة ( ولله ما في السماوات وما في الأرض ) معترضة بين الجمل التي قبلها المتضمنة التحريض على التقوى والإحسان وإصلاح الأعمال من قوله ( وإن تحسنوا وتتقوا ) وقوله ( وإن تصلحوا وتتقوا ) وبين جملة ( ولقد وصينا ) الآية . فهذه الجملة تضمنت تذييلات لتلك الجمل السابقة وهي مع ذلك تمهيد لما سيذكر بعدها من قوله ( ولقد وصينا الذين أوتوا الكتاب ) الخ لأنها دليل لوجوب تقوى الله