وب سایت رسمی مجمع جهانى تقريب مذاهب اسلامى

اهم اخبار تقریب مذاهب اسلامی

مجمع جهانى تقريب مذاهب اسلامى
سایت رسمی مجمع جهانى تقريب مذاهب اسلامى

وللنشوز والإعراض أحوال كثيرة : تقوى وتضعف وتختلف عواقبها باختلاف أحوال الأنفس ويجمعها قوله ( خافت من بعلها نشوزا أو إعراضا ) . وللصلح أحوال كثيرة : منها المخالعة فيدخل في ذلك ما ورد من الآثار الدالة على حوادث من هذا القبيل . ففي صحيح البخاري عن عائشة قالت في قوله تعالى ( وإن امرأة خافت من بعلها نشوزا ) قالت : الرجل يكون عنده المرأة ليس بمستكثر منها يريد أن يفارقها فتقول له أجعلك من شأني في حل . فنزلت هذه الآية . وروى الترمذي بسند حسن فن ابن عباس أن سودة أم المؤمنين وهبت يومها لعائشة . وفي أسباب النزول للواحدي : أن ابنة محمد بن مسلمة كانت عند رافع بن خديج فكره منها أمرا أي كبرا فأراد طلاقها فقالت له : أمسكني واقسم لي ما بدا لمك . فنزلت الآية في ذلك .
وقرأ الجمهور : ( أن يصالحا ) بتشديد الصاد وفتح اللام وأصله يتصالحا فأدغمت التاء في الصاد . وقرأ عاصم وحمزة والكسائي وخلف : ( أن يصلحا ) بضم التحتية وتخفيف الصاد وكسر اللام أي يصلح كل واحد منهما شأنهما بما يبدو من وجوه المصالحة .
A E والتعريف في قوله ( والصلح خير ) تعريف الجنس وليس تعريف العهد لأن المقصود إثبات أن ماهية الصلح خير للناس فهو تذييل للأمر بالصلح والترغيب فيه وليس المقصود أن الصلح المذكور آنفا وهو الخلع خير من النزاع بين الزوجين لأن هذا وإن صح معناه إلا أن فائدة الوجه الأول أوفر ولأن فيه التفادي عن إشكال تفضيل الصلح على النزاع في الخيرية مع أن النزاع لا خير فيه أصلا . ومن جعل الصلح الثاني عين الأول غرته القاعدة المتداولة عند بعض النحاة وهي : أن لفظ النكرة إذا أعيد معرفا باللام فهو عين الأولى . وهذه القاعدة ذكرها ابن هشام الأنصاري في مغنى اللبيب في الباب السادس فقال : يقولون : " النكرة إذا أعيدت نكرة كانت غير الأولى وإذا أعيدت معرفة أو أعيدت المعرفة معرفة أو نكرة كانت الثانية عين الأولى " ثم ذكر أن في القرآن آيات ترد هذه الأحكام الأربعة كقوله تعالى ( الله الذي خلقكم من ضعف ثم جعل من بعد ضعف قوة ثم جعل من بعد قوة ضعفا ) وقوله ( أن يصالحا بينهما صلحا والصلح خير ) ( زدناهم عذابا فوق العذاب ) والشيء لا يكون فوق نفسه ( أن النفس بالنفس ) ( يسألك أهل الكتاب أن تنزل عليهم كتابا من السماء ) وأن في كلام العرب ما يرد ذلك أيضا . والحق أنه لا يختلف في ذلك إذا قامت قرينة على أن الكلام لتعريف الجنس لا لتعريف العهد كما هنا . وقد تقدم القول في إعادة المعرفة نكرة عند قوله تعالى ( وقاتلوهم حتى لا تكون فتنة ) في سورة البقرة . ويأتي عند قوله تعالى ( وقالوا لولا نزل عليه آية من ربه ) في سورة الأنعام .
وقوله ( خير ) ليس هو تفضيلا ولكنه صفة مشبهة وزنه فعل كقولهم : سمح وسهل ويجمع على خيور . أو هو مصدر مقابل الشر فتكون إخبارا بالمصدر . وأما المراد به التفضيل فأصل وزنه أفعل فخفف بطرح الهمزة ثم قلب حركته وسكونه . جمعه أخيار أي والصلح في ذاته خير عظيم . والحمل على كونه تفضيلا يستدعي أن يكون المفضل عليه هو النشوز والإعراض . وليس فيه كبير معنى .
وقد دلت الآية على شدة الترغيب في هذا الصلح بمؤكدات ثلاثة : وهي المصدر المؤكد في قوله ( صلحا ) والإظهار في مقام الإضمار في قوله ( والصلح خير ) والإخبار عنه بالمصدر أو بالصفة المشبهة فإنها تدل على فعل سجية .
ومعنى ( وأحضرت الأنفس الشح ) ملازمة الشح للنفوس البشرية حتى كأنه حاضر لديها . ولكونه من أفعال الجبلة بني فعله للمجهول على طريقة العرب في بناء كل فعل غير معلوم الفاعل للمجهول كقولهم : شغف بفلانة واضطر إلى كذا . ف ( الشح ) منصوب على أنه مفعول ثان ل ( أحضرت ) لأنه من باب أعطى .
وأصل الشح في كلام العرب البخل بالمال وفي الحديث " أن تصدق وأنت صحيح شحيح تخشى الفقر وتأمل الغنى " وقال تعالى ( ومن يوق شح نفسه فأولئك هم المفلحون ) ويطلق على حرص النفس على الحقوق وقلة التسامح فيها ومنه المشاحة وعكسه السماحة في الأمرين