وب سایت رسمی مجمع جهانى تقريب مذاهب اسلامى

اهم اخبار تقریب مذاهب اسلامی

مجمع جهانى تقريب مذاهب اسلامى
سایت رسمی مجمع جهانى تقريب مذاهب اسلامى

والمناسبة بين هذه الجملة والتي سبقتها : وهي جملة ( يغن الله كلا من سعته ) أن الذي له ما في السماوات وما في الأرض قادر على أن يغني كل أحد من سعته . وهذا تمجيد لله تعالى وتذكير بأنه رب العالمين وكناية عن تعظيم سلطانه واستحقاقه للتقوى .
وجملة ( ولقد وصينا الذين أوتوا الكتاب من قبلكم ) عطف على جملة ( إن الله لا يغفر أن يشرك به ) .
A E وجعل الأمر بالتقوى وصية : لأن الوصية قول فيه أمر بشيء نافع جامع لخير كثير فلذلك كان الشأن في الوصية إيجاز القول لأنها يقصد منها وعي السامع واستحضاره كلمة الوصية في سائر أحواله . والتقوى تجمع الخيرات لأنها امتثال الأوامر واجتناب المناهي ولذلك قالوا : ما تكرر لفظ في القرآن ما تكرر لفظ التقوى يعنون غير الأعلام كاسم الجلالة . وفي الحديث عن العرباض بن سارية : وعظنا رسول الله موعظة وجلت منها القلوب وذرفت منها العيون فقلنا يا رسول الله : كأنها موعظة مودع فأوصنا قال ( أوصيكم بتقوى الله عز وجل والسمع والطاعة ) . فذكر التقوى في ( أن اتقوا الله ) الخ تفسير لجملة ( وصينا ) فأن فيه تفسيرية . والإخبار بأن الله أوصى الذين أوتوا الكتاب من قبل بالتقوى مقصود منه إلهاب همم المسلمين للتهمم بتقوى الله لئلا تفضلهم الأمم الذين من قبلهم من أهل الكتاب فإن للائتساء أثرا بالغا في النفوس كما قال تعالى ( يا أيها الذين آمنوا كتب عليكم الصيام كما كتب على الذين من قبلكم ) . والمراد بالذين أوتوا الكتاب اليهود والنصارى فالتعريف في الكتاب تعريف الجنس فيصدق بالمتعدد .
والتقوى المأمور بها هنا منظور فيها إلى أساسها وهو الإيمان بالله ورسله ولذلك قوبلت بجملة ( وإن تكفروا فإن لله ما في السماوات وما في الأرض ) .
وبين بها عدم حاجته تعالى إلى تقوى الناس ولكنها لصلاح أنفسهم كما قال ( إن تكفروا فإن الله غني عنكم ولا يرضى لعباده الكفر ) . فقوله ( فإن لله ما في السماوات وما في الأرض ) كناية عن عدم التضرر بعصيان من يعصونه ولذلك جعلها جوابا للشرط إذ التقدير فإنه غني عنكم . وتأيد ذلك القصد بتذييلها بقوله ( وكان الله غنيا حميدا ) أي غنيا عن طاعتكم محمودا لذاته سواء حمده الحامدون وأطاعوه أم كفروا وعصوه .
وقد ظهر بهذا أن جملة ( وإن تكفروا ) معطوفة على جملة ( أن اتقوا الله ) فهي من تمام الوصية أي من مقول القول المعبر عنه ب ( وصينا ) فيحسن الوقف على قوله ( حميدا ) . وأما جملة ( ولله ما في السماوات وما في الأرض وكفى بالله وكيلا ) فهي عطف على جملة ( ولقد وصينا ) أتى بها تمهيدا لقوله ( إن يشأ يذهبكم ) فهي مراد بها معناها الكنائي الذي هو التمكن من التصرف بالإيجاد والإعدام ولذلك لا يحسن الوقف على قوله ( وكيلا ) . فقد تكررت جملة ( ولله ما في السماوات وما في الأرض ) هنا ثلاث مرات متتاليات متحدة لفظا ومعنى أصليا ومختلفة الأغراض الكنائية المقصودة منها وسبقتها جملة نظيرتهن : وهي ما تقدم من قوله ( ولله ما في السماوات وما في الأرض وكان الله بكل شيء محيطا ) فحصل تكرارها أربع مرات في كلام متناسق . فأما الأولى السابقة فهي واقعة موقع التعليل لجملة ( إن الله لا يغفر أن يشرك به ويغفر ما دون ذلك لمن يشاء ) ولقوله ( ومن يشرك بالله فقد ضل ضلالا بعيدا ) والتذييل لهما والاحتراس لجملة ( واتخذ الله إبراهيم خليلا ) كما ذكرناه آنفا . وأما الثانية التي بعدها فواقعة موقع التعليل لجملة ( يغن الله كلا من سعته ) . وأما الثالثة التي تليها فهي علة للجواب المحذوف وهو جواب قوله ( وإن تكفروا ) ؛ فالتقدير : وإن تكفروا فإن الله غني عن تقواكم وإيمانكم فإن له ما في السماوات وما في الأرض وكان ولا يزال غنيا حميدا . وأما الرابعة التي تليها فعاطفة على مقدر معطوف على جواب الشرط تقديره : وإن تكفروا بالله وبرسوله فإن الله وكيل عليكم ووكيل عن رسوله وكفى بالله وكيلا .
وجملة ( إن يشأ يذهبكم ) واقعة موقع التفريع عن قوله ( غنيا حميدا ) . والخطاب بقوله ( أيها الناس ) للناس كلهم الذين يسمعون الخطاب تنبيها لهم بهذا النداء . ومعنى ( ويأت بآخرين ) يوجد ناسا آخرين يكونون خيرا منكم في تلقي الدين .
A E