وب سایت رسمی مجمع جهانى تقريب مذاهب اسلامى

اهم اخبار تقریب مذاهب اسلامی

مجمع جهانى تقريب مذاهب اسلامى
سایت رسمی مجمع جهانى تقريب مذاهب اسلامى

روي أن آزر خرج به في يوم عيد لهم فبدؤوا ببيت الأصنام فدخلوه وسجدوا لها ووضعوا بينها طعاما خرجرا به معهم وقالوا : بلى أن نرجع بركت الآلهة على طعامنا فذهبوا وبقي إبراهيم فنظر إلى الأصنام وكانت سبعين صنما مصطفة وثم صنم عظيم مستقبل الباب وكان من ذهب وفي عينيه جوهرتان تضيئان بالليل فكسرها كلها بفأس في يده حتى إذا لم يبق إلا الكبير علق الفأس في عنقه عن قتادة : قال ذلك سرا من قومه وروي : سمعه رجل واحد " جذذا " قطاعا من الجذ وهو القطع . وقرىء بالكسر والفتح . وقرىء : " جذذا " جمع جذيذ و " جذذا " جمع جذة . وإنما استبقى الكبير لأنه غلب في ظنه أنهم لا يرجعون إلا إليه لما تسامعوه من إنكاره لدينهم وسبه لآلهتهم فيبكتهم بما أجاب به من قوله : " بل فعله كبيرهم هذا فسئلوهم " وعن الكلبي " إليه " إلى كبيرهم . ومعنى هذا : لعلهم يرجعون إليه كما يرجع إلى العالم في حل المشكلات يقولون له : ما لهؤلاء مكسورة ومالك صحيحا والفأس على عاتقك ؟ قال هذا بناء على ظنه بهم لما جرب وذاق من مكابرتهم لعقولهم واعتقادهم في آلهتهم وتعظيمهم لها . أو قاله مع علمه أنهم لا يرجعون إليه استهزاء بهم واستجهالا وأن قياس حال من يسجد له يؤهله للعبادة أن يرجع إليه في حل كل مشكل . فإن قلت : فإذا رجعوا إلى الصنم بمكابرتهم لعقولهم ورسوخ الإشراك في أعراقهم فإي فائدة دينية في رجوعهم إليه حتى جعله إبراهيم صلوات الله عليه غرضا . قلت : إذا رجعوا إليه تبين أنه عاجز لا ينفع ولا ضر وظهر أنهم في عبادته على جهل عظيم .
" قالوا من فعل هذا بئالهتنا إنه لمن الظلمين " .
أي أن من فعل هذا الكسر والحطم لشديد الظلم معدود في الظلمة : إما لجرأته على الآلهة الحقيقية عندهم بالتوقير والإعظام وإقا لأنهم رأوا إفراطا في حطمها وتماديا في الاستهانة بها .
" قالوا سمعنا فتى يذكهم يقال لهم إبرهيم قالوا فأتوا به على أعين الناس لعلهم يشهدون " .
فإن قلت : ما حكم الفعلين بعد " سمعنا فتى " وأي فرق بينهما . قلت : هما صفتان لفتى إلا أن الأول وهو " يذكرهم " لا بد منه لسمع لأنك لا تقول : سمعت زيدا وتسكت حتى تذكر شيئا مما يسمع . وأما الثاني فليس كذلك . فإن قلت : " إبرهيم " ما هو . قلت : قيل هو خبر مبتدأ محذوف أو منادى . والصحيح أنه فاعل يقال لأن المراد الاسم لا المسمى " على أعين الناس " في محل الحال بمعنى معاينا مشاهدا أي : بمرأى منهم ومنظر . فإن قلت : فما معنى الاستعلاء في على قلت : هو وارد على طريق المثل أي : يثبت إتيانه في الأعين ويتمكن فيها ثبات للراكب على المركوب وتمكنه منه " لعلهم يشهدون " عليه بما سمع منه . وبما فعله أو يحضرون عقوبتنا له . روي أن الخبر بلغ نمررذ وأشراف قومه فأمروا بإحضاره .
" قالوا ءأنت فعلت هذا بئالهتنا يإبرهيم قال بل فعله كبيرهم هذا فسئلوهم إن كانوا ينطقون " .
هذا من معاريض الكلام ولطائف هذا النوع لا يتغلغل فيها إلا أذهان الراضة من علماء المعاني . والقول فيه أن قصد إبراهيم صلوات الله عليه لم يكن إلى أن ينسب الفعل الصادر عنه إلى الصنم وإنما قصد تقريره لنفسه لها على ثباته لها على أسلوب تعريضي يبلغ فيه غرضه من إلزامهم الحجة وتبكيتهم وهذا كما لو قال لك صاحبك وقد كتبت كتابا بخط رشيق وأنت شهير بحسن الخط : أأنت كتبت هذا وصاحبك أمي لا يحسنه الخط ولا يقدر إلا على خرمشة فاسدة ؟ ! .
فقلت له : بل كتبته أنت كان قصدك بهذا الجواب تقريره لك مع الاستهزاء به لا نفيه عنك وإثباته للأمي أو المخرمش لأن إثباته - والأمر دائر بينكما للعاجز منكما - استهزاء به وإثبات للقادر ولقائل أن يقول : غاظته تلك الأصنام حين أبصرها مصطفة مرتبة وكان غيظ كبيرها أكبر وأشد لما رأى من زيادة تعظيمهم له . فأسند الفعل إليه لأنه هو الذي تسبب لاستهانته بها وحطمه لها والفعل كما يسند إلى مباشرة يسند إلى الحامل عليه ويجوز أن يكون حكاية لما يقود إلى تجويزه مذهبهم كأنه قال لهم : ما تنكرون أن يفعله كبيرهم . فإن من حق من يعبد ويدعى إلها أن يقدر على هذا وأشد منه . ويحكى أنه قال : فعله كبيرهم هذا غضب أن تعبد معه هذه الصغار وهو أكبر منها . وقرأ محمد بن السميقع " فعله كبيرهم " يعني : فلعله أي فلعل الفاعل كبيرهم .
" فرجعوا إلى أنفسهم فقالوا إنكم أنتم الظلمون "