وب سایت رسمی مجمع جهانى تقريب مذاهب اسلامى

اهم اخبار تقریب مذاهب اسلامی

مجمع جهانى تقريب مذاهب اسلامى
سایت رسمی مجمع جهانى تقريب مذاهب اسلامى

فلما ألقمهم الحجر وأخذ بمخانقهم رجعوا إلى أنفسهم فقالوا : أنتم الظالمون على الحقيقة لا من ظلمتموه حين قلتم : من فعل هذا بآلهتنا إنه لمن الظالمين .
" ثم نكسوا على رؤوسهم لقد علمت ما هؤلاء ينطقون " .
نكسته : قلبته فجعلت أسفله أعلاه وانتكس : انقلب أي : استقاموا حين رجعوا إلى أنفسهم وجاؤوا بالفكرة الصالحة ثم انتكسوا وانقلبوا عن تلك الحالة فأخذوا في المجادلة بالباطل والمكابرة وأن هؤلاء - مع تقاصر حالها عن حال الحيوان الناطق - آلهة معبودة مضارة منهم . أو انتكسوا عن كونهم مجادلين لإبراهيم عليه السلام مجادلين عنه حين نفوا عنها القدرة على النطق . أو قلبوا على رؤوسهم حقيقة لفرط إطراقهم سنن وانكسارا وانخزالا مما بهتهم به إبراهيم عليه السلام فما أحاروا جوابا إلا ما هو حجة عليهم . وقرىء : " نكسوا " بالتشديد ونكسوا على لفظ ما سمي فاعله أي : نكسوا أنفسهم على رؤوسهم . قرأ به رضوان بن عبد المعبود .
" قال أفتعبدون من دون الله ما لا ينفعكم شيئا ولا يضركم أف لكم ولما تعبدون من دون الله أفلا تعقلون " .
" أف " صوت إذا صوت به علم أن صاحبه متضجر أضجره ما رأى من ثباتهم على عبادتها بعد انقطاع عذرهم وبعد وضوح الحق وزهوق الباطل فتأفف بهم . واللام لبيان المتأفف به . أي : لكم ولآلهتكم هذا التأفف .
" قالوا حرقوه وانصروا ءالهتكم إن كنتم فعلين قلنا ينار كوني بردا وسلما على إبرهيم وأرادوا به كيدا فجعلنهم خاسرين " .
أجمعوا رأيهم - لما غلبوا - بإهلاكه ؛ وهكذا المبطل إذا قرعت شبهته بالحجة وافتضح لم يكن أحد أبغض إليه من المحق . ولم يبق له مفزع إلا مناصبته كما فعلت قريش برسول الله A حين عجزوا عن المعارضة والذي أشار بإحراقه نمروذ . وعن ابن عمر Bهما : رجل من أعراب العجم يريد الأكراد . وروي : أنهم حين هموا بإحراقه حبسوه ثم بنوا بيتا كالحظيرة بكوثى وجمعوا شهرا أصناف الخشب الصلاب حتى إن كانت المرأة لتمرض فتقول : إن عافاني الله لأجمعن حطبا لإبراهيم عليه السلام ثم أشعلوا نارا عظيمة كادت الطير تحترق في الجو من وهجها . ثم وضعوه في المنجنيق مقيدا مغلولا فرموا به فيها فناداها جبريل عليه السلام " ينار كونى بردا وسلما " ويحكى . ما أحرقت منه إلا وثاقه . وقال له جبريل عليه السلام حين رمي به : هل لك حاجة ؟ فقال : أما إليك فلا . قال : فسل ربك . قال : حسبي من سؤالي علمه بحالى . وعن ابن عباس Bهما : إنما نجا بقوله : حسبي الله ونعم الوكيل وأطل عليه نمروذ من الصرح فإذا هو في روضة ومعه جليس له من الملائكة فقال : إني مقرب إلى إلهك فذبح أربعة آلاف بقرة وكف عن إبراهيم وكان إبراهيم صلوات الله وسلامه عليه إذ ذاك ابن ست عشرة سنة . واختاروا المعاقبة بالنار لأنها أهول ما يعاقب به وأفظعه ولذلك جاء : " لا يعذب بالنار إلا خالقها " ومن ثم قالوا : " إن كنتم فعلين " أي إن كنتم ناصرين آلهتكم نصرا مؤزرا فاختاروا له أهول المعاقبات وهي الإحراق بالنار وإلا فرطتم في نصرتها . ولهذا عظموا النار وتكلفوا في تشهير أمرها وتفخيم شأنها ولم يألوا جهدا في ذلك . جعلت النار لمطاوعتها فعل الله وإرادته كمأمور أمر بشيء فامتثله . والمعنى : ذات برد وسلام فبولغ في ذلك كأن ذاتها برد وسلام . والمراد : ابردي فيسلم منك إبراهيم . أو ابردي بردا غير ضار . وعن ابن عباس Bه : لو لم يقل ذلك لأهلكته ببردها . فإن قلت : كيف بردت النار وهي نار ؟ قلت : نزع الله عنها طبعها الذي طبعها عليه من الحر والإحراق وأبقاها على الإضاءة أوالإشراق والاشتعال كما كانت والله على كل شيء قدير . ويجوز أن يدفع بقدرته عن جسم إبراهيم عليه السلام أذى حرها ويذيقه فيها عكس ذلك كما يفعل بخزنة جهنم ويدل عليه قوله : " على إبرهيم " وأرادوا أن يكيدوه ويمكروا به فما كانوا إلا مغلوبين مقهورين غالبوه بالجدال فغلبه الله ولقنه بالمبكت وفزعوا إلى القوة والجبروت فنصره وقواه .
" ونجينه ولوطا إلى الأرض التي بركنا فيها للعلمين "