وب سایت رسمی مجمع جهانى تقريب مذاهب اسلامى

اهم اخبار تقریب مذاهب اسلامی

مجمع جهانى تقريب مذاهب اسلامى
سایت رسمی مجمع جهانى تقريب مذاهب اسلامى

أنه يأخذ للجماء من القرناء فإن قلت : كيف قيل : " إلا أمم " مع أفراد الدابة والطائر ؟ فإن قلت : لما كان قوله تعالى : " وما من دابة في الأرض ولا طائر " دالا على معنى الاستغراق ومغنيا عن أن يقال : وما من دواب ولا طير حمل قوله : " إلا أمم " على المعنى فإن قلت : هلا قيل : وما من دابة ولا طائر إلا أمم أمثالكم ؟ وما معنى زيادة قوله : " وفي الأرض " و " يطير بجناحيه " قلت : معنى ذلك زيادة التعميم والإحاطة كأنه قيل : وما من دابة قط في جميع الأرضين السبع وما من طائر قط في جو السماء من جميع ما يطير بجناحيه إلا أمم أمثالكم محفوظة أحوالها غير مهمل أمرها . فإن قلت : فما الغرض في ذكر ذلك ؟ قلت : الدلالة على عظم قدرته ولطف علمه وسعة سلطانه وتدبيره تلك الخلائق المتفاوتة الأجناس المتكاثرة الأصناف وهو حافظ لما لها وما عليها مهيمن على أحوالها لا يشغله شأن عن شأن وأن المكلفين ليسوا بمخصوصين بذلك دون من عداهم من سائر الحيوان . وقرأ ابن أبي عبلة : " ولا طائر " بالرفع على المحل كأنه قيل : وما دابة ولا طائر . وقرأ علقمة " ما فرطنا " بالتخفيف .
" والذين كذبوا بآياتنا صم بكم في الظلمات من يشأ الله يضلله ومن يشأ يجعله على صراط المستقيم " فإن قلت : كيف أتبعه قوله : " والذين كذبوا بآياتنا " ؟ قلت : لما ذكر من خلائقه وآثار قدرته ما يشهد لربوبيته وينادي على عظمته قال : والمكذبون " صم " لا يسمعون كلام المنبه " وبكم " لا ينطقون بالحق خابطون في ظلمات الكفر فهم غافلون عن تأمل ذلك والتفكر فيه ثم قال إيذانا بأنهم من أهل الطبع " من يشأ الله يضلله " أي يخذله ويخله وضلاله لم يلطف به لأنه ليس من أهل اللطف " ومن يشأ نجعله على صراط المستقيم " أي يلطف به لأن اللطف يجدي عليه .
" قل أرأيتم إن أتاكم عذاب الله أو أتتكم الساعة أغير الله تدعون إن كنتم صادقين بل إياه تدعون فيكشف ما تدعون إليه إن شاء وتنسون ما تشركون " .
" أرأيتم " أخبروني . والضمير الثاني لا محل له من الإعراب لأنك تقول : أرأيتك زيدا ما شأنه فلو جعلت للكاف محلا لكنت كأنك تقول : أرأيت نفسك زيدا ما شأنه ؟ وهو خلف من القول ومتعلق الاستخبار محذوف تقديره : إن أتاكم عذاب الله " أو أتتكم الساعة " من تدعون . ثم بكتهم بقوله : " أغير الله تدعون " بمعنى أتخصون آلهتكم بالدعوة فيما هو عادتكم إذا أصابكم ضر أم تدعون الله دونها " بل إياه تدعون " بل تخصونه بالدعاء دون الآلهة " فيكشف ما تدعون إليه " أي ما تدعونه إلى كشفه " إن شاء " إن أراد أن يتفضل عليكم ولم يكن مفسدة " وتنسون ما تشركون " وتتركون آلهتكم أو لا تذكرونها في ذلك الوقت : لأن أذهانكم في ذلك الوقت مغمورة بذكر ربكم وحده إذ هو القادر على كشف الضر دون غيره ويجوز أن يتعلق الاستخبار بقوله : " أغير الله تدعون " كأنه قيل : أغير الله تدعون إن أتاكم عذاب الله . فإن قلت : إن علقت الشرط به فما تصنع بقوله : " فيكشف ما تدعون إليه " مع قوله : " أو أتتكم الساعة " وقوارع الساعة لا تكشف عن المشركين ؟ قلت : قد اشترط في الكشف المشيئة وهو قوله : " إن شاء " إيذانا بأنه إن فعل كان له وجه من الحكمة إلا أنه لا يفعل لوجه آخر من الحكمة أرجح منه .
" ولقد أرسلنا إلى أمم من قبلك فأخذناهم بالبأساء والضراء لعلهم يتضرعون فولا إذ جاءهم بأسنا تضرعوا ولكن قست قلوبهم وزين لهم الشيطان ما كانوا يعملون فلما نسوا ما ذكروا به فتحنا عليهم أبواب كل شيء حتى إذا فرحوا بما أوتوا أخذناهم بغتة فإذا هم ملبسون فقطع دابر القوم الذين ظلموا والحمد لله رب العالمين "