الامين العام للمجمع العالمي للتقريب بين المذاهب الاسلامية:
الدفاع عن استقرار الدول الاسلامية واستقلالها وأمنها واجب علينا جميعا
أكد الامين العام للمجمع العالمي للتقريب بين المذاهب الاسلامية، أنه اذا ارادت احدى الدول غير الاسلامية ان تعتدي على الدول الاسلامية وتسلب جزءا من اراضيها وثرواتها، فإن واجبنا جميعا ان نهب للدفاع عن تلك الاراضي، وفي هذا الاطار فإن الدفاع عن اراضي فلسطين هدف مشترك بيننا نحن المسلمين.
وفي حديثه خلال المؤتمر الخامس عشر للوحدة الاسلامية في لندن، قال حجة الاسلام والمسلمين الدكتور حميد شهرياري: نعرب عن تقديرنا العميق للقائمين على هذا المؤتمر للوحدة، والذين يسعون في هداية الانسان نحو الحياة الصالحة الحكيمة.
وأشار الدكتور شهرياري الى الآية (يا أيها الذين آمنوا اصبروا وصابروا ورابطوا واتقوا الله لعلكم تفلحون)، وقال: ان الحياة بحاجة الى اتباع قوانين تم التأكيد عليها في القرآن الكريم؛ فالله يوصي الانسان في هذه الآية بالصبر، حيث يقول المفسرون ان القصد من الصبر في هذه الآية الصبر على المصاعب وطاعة الله والصبر على الذنب.
وفي شرحه لفعلي "اصبروا" و"صابروا"، قال الدكتور شهرياري: بعد "اصبروا"، يقول الله "صابروا" حيث يقول الزمخشري في تفسيره ان معنى "المصابرة" هي التغلب على العدو بواسطة الصبر على مصاعب الحرب. فـ"اصبروا" تشمل الفرد، لكن"صابروا" تشمل الآخرين والشؤون المرتبطة بالمجتمع كذلك. وفي آية اخرى يقول الله: (مِن رِباطِ الخَيلِ تُرهِبونَ بِهِ عَدُوَّ اللَّهِ وَعَدُوَّكُم)؛ ويقول رسول الله(ص) كذلك: "مَنْ رَابَطَ يَوْمًا فِي سَبِيلِ اللَّهِ أَوْ لَيْلَةً كَانَ كَعِدْلِ شَهْرٍ صِيَامِهِ وَقِيَامِهِ" وبناء عليه؛ فإن المصابرة والمرابطة لا تتيسر الا بتشكيل الحكومة الاسلامية، وبدون الدولة والحكومة لن يتيسر هذا الامران؛ فنحن ومن اجل إدارة المجتمع الاسلامي بحاجة الى الحكومة الاسلامية، واليوم وبسبب تعدد الدول الاسلامية نحن بحاجة الى التضامن والتعاون بين هذه الدول من اجل التغلب على العدو والاستكبار العالمي والصهيونية.
وأضاف الامين العام للمجمع العالمي للتقريب بين المذاهب الاسلامية: على الدول الاسلامية ان يكون لديها تعاون مشترك فيما لا يقل عن خمس حالات؛ التعاون في مجال إرساء الاستقرار والامن، التعاون في المجالت: العلمية، السياسية، ثروات العالم الاسلامي وموارده والتعاون في مجال الخدمات المشتركة في العالم الاسلامي.
وتابع: ان الاستكبار العالمي يحاول باستمرار الهيمنة على الشعوب المستضعفة، ويخطط بمختلف الاساليب من اجل تحقيق هدفه هذا، كما ان الاستكبار بصدد توسيع امنه في مختلف المناطق، ليبقى في مأمن من أي تهديد خارجي، وتكون لديه القدرة على مواجهة التهديدات.
وصرح الدكتور شهرياري: لا يسمح الدين الاسلامي بتسلط الكفار على المسلمين، وقد رفض هذا الامر رفضا؛ كما ان الرسول الكريم(ص) جعل الاسلام معيارا للأفضلية، فيقول: "الاسلام يعلو ولا يُعلى عليه". وبشأن هيمنة الاجانب على المسلمين يقول الامام الخميني (رض)، إن منطقنا هو منطق الاسلام ولا يليق ولا يجوز ان يتسلط عليكم غيركم، وان تكونوا لسلطة الاجنبي. والخلاصة هي انه لا يليق بأن تتسلط علينا أميركا او الاتحاد السوفييتي أو أي اجنبي علينا نحن المسلمين؛ هذا هو منطقنا وشعارنا.
ولفت الى انه وحسب قول قائد الثورة المعظم فإنه يوجد في العصر الحاضر نظامان للسلطة يحكمان العالم؛ الدول الكبرى في إطار الاستكبار العالمي والدول التي خعت امام هؤلاء المجرمين وأصبحت شريكة في جرائم الاستكبار وأن ضحية هذين النوعين من الدول هي الدول المستضعفة التي تُهتك حرمتها بسبب الجهل والضعف وانعدام الارادة.
وأكمل الامين العام للمجمع العالمي للتقريب بين المذاهب الاسلامية: أن من بين الامور التي تهدد الدول الاسلامية هي التفرقة؛ لأنها توفر الارضية لسيطرة الاجانب وتزيد من جرأة الاستعمار ليمارس المزيد من التشتيت والتفرقة بين الامة الاسلامية الامر الذي يسهل هيمنته على الدول الاسلامية.
وبيّن: أن مختلف المجموعات تتباين في الدين والمذهب والقومية، وهذا النمط المتباين من الحياة، هو ذريعة بيد العدو؛ بحيث شهدنا ان بعض المذاهب والاديان وبسبب دعايات الاعداء، لجأت الى الاعداء انفسهم على امل ان تحصل على مساعدة منهم في مواجهة المذهب المخالف، وهذا الامر مهّد لتواجد الاجانب وهيمنتهم عليهم؛ في حين ان القرآن الكريم يدعو جميع اتباع الانبياء وأنبياء أولي العزم الى إقامة الدين وعدم التفرق والاعتصام بحبل الله.
وأوضح الدكتور شهرياري: ان الامان نعمة الهية وهذه النعمة تزول بسبب العداء بين المسلمين وهجمات العدو؛ ولكن من شأنها وحسب مقتضى الارادة الالهية ان تتحول الى عامل للوحدة في المجتمع.
وأكد أن القرآن الكريم ينهى عن إقامة الصلاة في مسجد أسس بدافع التفرقة والنفاق بين المسلمين والإضرار بهم؛ فالله يهدينا الى الصراط المستقيم ويمنعنا من التوجه نحو المسار الذي يتضمن التفرقة، فيقول لرسوله: (ان الذین فَرّقوا دينَهم وكانوا شِيَعا لست منهم في شيء).
وعدّ الامين العام للمجمع العالمي للتقريب بين المذاهب الاسلامية، التفرقة المذهبية بأنها من العوامل المهمة التي تهدد امن المجتمع الاسلامي، مشيرا الى ان الامام الخميني(رض) يقول في هذا المجال، على قادة الدول الاسلامية ان ينتبهوا بأن هذه الخلافات قد تهدد كيانهم من الأساس.
وشدد على أنه يجب على زعماء الدول الاسلامية ان يستخدموا عقلهم وتدبيرهم، وان ينتبهوا أن هناك جهات تريد ان تهيمن على الاسلام باسم الدين والمذهب، وأن هناك بعض الايادي الخبيثة في هذه الدول تريد اثارة الخلافات بين الشيعة والسنة، في حين انهم لا تمت بصلة لا للشيعة ولا للسنة، بل هم عملاء الاستكبار والاستعمار الذي يحاول سلب سيادة المسلمين وحاكميتهم على الدول الاسلامية.
ونوه الامين العام للمجمع العالمي للتقريب بين المذاهب الاسلامية، الى ان قائد الثورة الاسلامية المعظم يقول في احد خطاباته امام ضيوف مؤتمر الوحدة الاسلامية؛ ان العالم الاسلامي الذي يبلغ مجموعه سكانه مليار ونصف الميار نسمة، يملك إمكانات إقليمية وجغرافية وطبيعية وانسانية كبيرة، لا نظير، وهو قادر على تشكيل قوة كبرى متحدة.
ومضى قائلا: منذ أكثر من قرنين والاستعمار الغربي يواصل حلب المنطقة ونهب ثرواتها؛ إذ كانت المنطقة في عهد الاستعمار القديم وكذلك الجديد تخدم نوعا ما المآرب السياسية للاستكبار وخاصة اميركا.
ونبّه الدكتور شهرياري الى ان جاهزية الدول الاسلامية في مواجهة الاستكبار تعتمد على وحدتها وتشكيل قوتها الاسلامية بمعناها الحقيقي وتحقق الاستقلال الاسلامي الحقيقي في المنطقة، وفي هذه الحال ستنتهي الهيمنة الاقتصادية والسياسية والثقافية للعدو؛ لكن الاعداء لا يمكنهم ان يتقبلوا ذلك؛ لذلك يسعون بكل ما أوتوا من قوة لعدم تحقيق هذا الهدف، ويبذلون قصارى جهودهم لإثارة الخلافات بين المسلمين.
وأعرب الدكتور شهرياري عن اسفه لانتشار داء التفرقة في كيان العالم الاسلامي؛ لذلك وجه أوصى بالتفكير والتدبر وبذل الجهود بشكل جاد من اجل نشر الامن في جميع اراضي الدول الاسلامية وتعزيزه وترسيخه وتحويله الى امر مستدام. وهذا الامر بحاجة الى تدابير اساسية لكي يتطابق مع أفكار الساسة وعامة المجتمع وأرواحهم بمختلف ثقافاتهم على السواء.
وواصل الامين العام للمجمع العالمي للتقريب بين المذاهب الاسلامي حديثه بالقول: لا شك ان الاستكبار العالمي يبذل محاولاته باستمرار لزعزعة امن الدول الاسلامية من خلال اثارة الخلافات المذهبية والثقافية، ليحصل على موطأ قدم في المنطقة بذريعة التوسط بين الدول المتصارعة؛ ولذلك فإنه يستخدم شتى الاساليب بما فيها الاذلال والاستهزاء والاساءة بغية إثارة الخلافات بين المذاهب والقوميات؛ هذا في حين ان القرآن الكريم يحذر المسلمين من التنابز بالألقاب فيما بينهم، ومن الاستهزاء بمقدسات بعضهم بعضا والاساءة إليها.
وذكر بأن الاتحاد الاسلامي هو بمعنى المواكبة بين الشعوب والتعاون بين الحكومات؛ فالشعوب متفقة ومتضامنة ولا يمكن اثارة الخلافات القومية والمذهبية فيما بينها الا بوسوسة الاعداء؛ ولكن المشكلة بشأن الحكومات التي قد تتأثر بالألاعيب السياسية وتخرج عن جادة الصواب.
وأضاف الدكتور شهرياري قائلا: نقول للحكومات المجاورة، بأننا نمد يدنا نحوها للصداقة والاخوة باستمرار، وهذا ليس من منطلق الاحتياج بل من منطلق العقلانية الاسلامية، فإذا أرادت احدى الدول غير الاسلامية ان تعتدي على الدول الاسلامية، وتسلب جزءا من اراضيها وثرواتها، فإن واجبنا جميعا هو أن نهب للدفاع عن هذه الاراضي، وفي هذا الاطار فإن الدفاع عن اراضي فلسطين هو هدف مشترك بيننا نحن المسلمين، وعلى العالم الاسلامي ان يتابع هذا الهدف.
وتطرق الى ان المقاومة في مواجهة الظلم والجور هي من اركان سيرة أهل البيت (ع) والنبي الكريم(ص)، وهي واجب على جميع المسلمين. فسلامة اراضي الدول الاسلامية وأمنها بما فيها العراق وسوريا ودول المنطقة موضوع هام للغاية بالنسبة لنا، مثلما أكد قائد الثورة المعظم، بأن الاميركان بصدد تقسيم هذه الدول وإنشاء دول صغيرة مفككة مستسلمة، وبحول الله وقوته لن يتحقق هذا الامر.
وشدد الامين العام للمجمع العالمي للتقريب بين المذاهب الاسلامية على أن واجبنا جميعا ان ندافع عن سلامة اراضي مختلف الدول الاسلامية، وأن نتصدى لسياسة أميركا في إثارة التفرقة، فاليوم الدول الاسلامية قادرة على الإمساك بزمام الامور، وأن تقوم بإجراءات كبرى في مواجهة العدو.
وفي الختام قال الامين العام للمجمع العالمي للتقريب بين المذاهب الاسلامي: ان الدفاع عن الشعب المضطهد في فلسطين والعراق واليمن والدفاع عن استقرار سوريا ولبنان واستقلالهما وسائر دول المنطقة، واجب علينا جميعا وخاصة العلماء والنخب السياسية والدينية والثقافية ورجال الدولة والشباب الجامعة.