اكاديمي تركي: الأخوة الإسلامیة وقضایا الإفراط

اكاديمي تركي: الأخوة الإسلامیة وقضایا الإفراط

قال رئيس كلية الاداب في اسطنبول التركية "الدكتور محمد نور دوغان" في ما یتعلق بالسلام العالمي من منظور الإسلام الذي أمرنا الله بالعمل به، تُعتبر مسألة الأخوّة والتضامن مسألة في غایة الأهمیة. فإن لم یتعامل المؤمنون من منطلق الإخاء والرأفة، فإن الجدال في سبیل الخیر سیکون ضرباً من المستحیل. یصف الله في موضع آخر من القرآن المسلمین في حیاتهم في هذه الدنیا بأنّهم یشبهون طوب الجدار التي تتراکب فوق بعضعا متراصةً متماسکة لکي تشکل وحدة متماسکة؛ هذا لکي یؤکد علی أهمیة الإخاء والتضامن الإسلامي بین المسلمین.


وفي مقاله خلال المؤتمر الافتراضي الدولي الـ 37 للوحدة الاسلامية، وجّه " الدكتور محمد نور دوغان " شكره وتقديره للمجمع العالمي للتقریب بین المذاهب الاسلامیه على توجيه دعوة له بالمشارکه في هذا الموتمر الذي يقام تحت شعار "التعاون الاسلامی من اجل بلوره القیم المشترکه والحدیث حول محور الحریه الفکریه الدینیه وقبول الاجتهاد المذهبی ومواجهه تیار التکفیر و التطرف".
 واضاف الباحث الاسلامي فالإخاء الإسلامي قبل أن یکون ضرباً من المثالیة ومیول طوباویة، هو واقع تقوم علیه جمیع المبادئ والعقائد، والثقافة الإسلامیة بکل مکوناتها. فالإخاء الإسلامي معناه التقریب والتقارب، والتضامن الذي لا یتسنّی إلا بالتضامن والحب النابع من صمیم الفؤاد تجاه الآخر. فهذا الإخاء یفوق الإخاء بین أبناء الأبوین. فأخوة الدین أکبر وأهمّ من أخوة الدم والعرق. فقد یؤکّد القرآن الکریم في مواضع متعددة علی أنّ الأخوّة المؤمنین الذین آمنوا بالوحي والأحکام الألهیة وبالقرآن تفوق أخوّة الأخوان وإن خرجوا من رحم واحد ومن صلب واحد وهم یختلفون في الدین والوحي.
وبين الاستاذ التركي من الناحیة العقلیة یقال أن الإیمان بالقضایا المشترکة والتسلیم لها من قرارة القلب، أنفع وأنجع من أي أیمان آخر. وباعتباره فکرة وعقیدة فإنّ الإخاء النابع من الإیمان المشترك یحظی بأواصر وطیدة یستحیل الفکاك بینها. إنّ الإیمان بهذا القول یرشدنا نحو القول أنّ البشر الذین یعیشون علی سطح هذه المعمورة إنما هم أخوة وهم سواسي في حقوقهم وفي حریاتهم ویجب أن یحترموا بعضهم ویتعاملوا مع الآخر بکل ودّ وإحترام ولا یراعوا حقوق الإنسان فحسب، بل یجب علیهم احترام حقوق الأرض، والسماء، وجمیع الکائنات التي تحیی بین ظهرانیهم ویتعاملوا مع هذه الکائنات کما لو أنّهم أرسلوا من الله إلی هذه الکائنات لإستتباب الأمن والسلام والحفاظ علی صحة هذه الکائنات وسلامتها.
واكد محمد نور دوغان على ان الأخوة إما أن تکون هکذا أو لا تکون أبداً؛ فهي لیست شعاراً رنّاناً یتشدق به القاصي والداني. بل الأخوة هي عمل مشترك یطبع جمیع جوانب الحیاة بطابع الودّ والإحترام. إن الأخوة الإسلامية إن تحققت علی أرض الواقع، فإنها ستعني السعي لإصلاح ذات البین وتعزیز الصالح وإصلاح الطالح. إن أساس الدین وقوانین الشریعة التي نزلت علی أوّل نبي واستمرت حتی آخر نبي وهو خاتم الأنبیاء لیست سوی إصلاح الأرض وأهلها. فالعبادة لا تعني سوی الإصلاح.
اردف قائلا أنّ جوهرة العبادة هي السعي لإصلاح الأرض. ومن أبرز عقبات هذا السعي هي التطرف والإرهاب. أن التطرف والإرهاب هو العقبة الکأداء التي تعترض طریق المؤمنین الذین یسعون لإصلاح الأرض وأهلها. لأنّ الإرهاب قائم علی النفاق ودقّ الأسافین في صفوف المصلحین. الإرهاب لا یسعی للسلام وإنما یسعی لإفساد الأرض وتبدید العلاقات بین الناس ومحوها عن بکرة أبیها بحیث تصبح الحیاة ضرباً من المستحیل.
وقال ايضا فقد یقول القرآن: ظَهَرَ الْفَسادُ فِي الْبَرِّ وَ الْبَحْرِ. فکلما کثر الفساد، ساد واستولی علی السماء والأرض بدرجة لم یدع مجالاً للحق أن یظهر ولا یترك مجالا للمصلحین لإصلاح ذات البین. وهذا ما یسعی له الإرهاب الممنهج الذي یسعی لإثارة الفتن والأزمات وتقف وراءه السلطات والإستکبار العالمي.
ولهذا نری أن العقبة الکأداء وحجر العثرة أمام الإخاء الإسلامي هو الإرهاب والتطرف. إن الإرهاب والتطرف یعمل علی تبدید التوازن العقلي والفکري بین الأفراد وتفتیت المجتمع وتحویله إلی أجزاء مقطعة الأوصال. ولهذا یحول دون التفکیر الصحیح والعمل الصائب.
وفي الختام قال رئيس كلية الاداب في اسطنبول التركية إن الصراع مع الإرهاب والتطرف یجب أن ینطلق أولاً من خلال بلورة معنی واضح له وتقدیم تعریف واضح الملامح من هذا المصطلح. وهذا یتطلب إرادة حدیدیة. هذه هي ضرورة الجدال بالحق. فإن توفّرت هذه الإرادة وهي العلم بماهیة الإرهاب والتطرف، فإنّ الطریق سیکون فتوحاً أمام من یرید أن یجادل بالحق ویدین الإرهاب ویتغلب علیه. عند ذلك ستکون أمامنا أسالیب ومناهج سلیمة لمواجهة الإرهاب.