آية الله الاراكي : آمن الامام الخميني بأن جوهر الدين يكمن في نظام الحكم و بسط العدالة

آية الله الاراكي : آمن الامام الخميني بأن جوهر الدين يكمن في نظام الحكم و بسط العدالة
آية الله الاراكي : آمن الامام الخميني بأن جوهر الدين يكمن في نظام الحكم و بسط العدالة

في كلمة لسماحته حاول الامين العام للمجمع العالمي للتقريب بين المذاهب الاسلامية ، تسليط الضوء على ابعاد شخصية الامام الخميني و توجهاته الفكرية و السياسية .

استهل آية الله الشيخ محسن الاراكي كلمته بالاشارة الى قوله تعالى في كتابه الكريم " و من يتق الله يجعل له فرقاناً " ، لافتاً الى أن الجانب الأهم في شخصية الامام الخميني و الذي كان وراء النجاحات التي شهدتها مسيرته السياسية و الفكرية و التربوية ، يكمن في أن الامام بنى نفسه بما يتطابق مع الاسلام و احكامه منذ نعومة أظفاره . إذ انه كان حريصاً على الالتزام بتعاليم الاسلام و آدابه في مختلف شؤون حياته . و من الواضح أن التعاليم الاسلامية تشمل الآداب الشرعية و المستحبات و النوافل ، و كان سماحة الامام ملتزماً بالمبادىء الشرعية و الآداب الاخلاقية حتى في ابسط الامور بما في ذلك اثناء سيره في الطريق حيث كان يسيرعلى يمين الطريق في ذهابه و ايابه .

و أوضح آية الله الاراكي : مما يذكر في هذا الصدد ، حينما كنا في النجف كانت مدرسة العلوم الاسلامية للامام الحكيم هي المركز الاساس للطلبة العراقيين. وكانت تتكفل بنشر مرجعية المرجع. و كان طلابه من انشط الطلبة.. كان يشرف على المدرسة  السيد محمد باقر الحكيم . بعد وفاة المرجع الحكيم كان جهاز السيد الحكيم قسمين: احدهما يديره السيد مهدي والسيد باقر وكانا على خط الشهيد الصدر. والقسم الآخر  كان له توجه آخر. فاغلقوا المدرسة، وبقي طلابها معطلين ومهملين. فتكلم معي السيد محمد باقر وطلب مني ان اتكلم مع السيد الامام فلعله يتبناها، وحينها نستطيع نشر مرجعية الامام. ذهبت الى الامام واقترحت عليه ذلك، فشعر ان ثمة  شيئا ما فرفض ذلك رفضا تاما، مع علمه ان تبنيه المدرسة سوف يرسخ مرجعيته في العراق.. كانت المدرسة تضم  الخليجيين ايضا. وكان رفضه انطلاقاً  من التزمه الصرف بما يراه مطابقا لموازين الشرع حتى الاخلاقية النافلية، اي غير الالزامية. وهكذا كانت محطات سيرته الذاتية.

و اضاف سماحته : أن هذه التقوى الصارمة والالتزام التام بموازين الشرع ، شكلت احد الابعاد البارزة في شخصية الامام الخميني . و منحته فهماً عميقاً و دقيقاً للاحكام الشرعية  ، و للاوضاع و الاحداث التي تدور من حوله . و كان على درجة  كبيرة من الفراسة والفهم الدقيق حتى للاحداث السياسية والاجتماعية.

و في جانب آخر من كلمته ، لفت الامين العام للمجمع العالمي للتقريب بين المذاهب الاسلامية  الى الفهم الديني الذي دعا اليه الامام الخميني ، موضحاً : لقد قدّم الامام تفسيراً  للدين يتسم بالمزيد من العمق ، و مشيراً الى أن الدين يعني النظام السياسي ايضاً ، و قد صرح بذلك في كتبه و مؤلفاته ، مشدداً على ان الاسلام  يعني الحكومة  بعينها، و أن احكامه  بمثابة قوانينها ، و مؤكداً أن الاسلام  يعني النظام السياسي، وأن الاحكام الاسلامية هي احكام هذا النظام ، حتى الصلاة والزكاة والحج.  و أن الانبياء هم القادة السياسيون الذين جاؤوا لاقرار الحكم  الالهي على وجه الارض ، الحكم  القائم على اساس من العدل الالهي.

و لفت آية الله الاراكي الى قوله تعالى في سورة الشعراء: " اني لكم رسول امين، فاتقوا الله واطيعون، ولا تطيعوا امر المسرفين الذين يفسدون في الارض ولا يصلحون " ،  اي الطواغيت الذين يحكمون بالظلم والهوى.

و أوضح سماحته : القرآن الكريم  يشير الى ان الحياة الانسانية يحكمها تياران: تيار الحق وتيار الباطل. و ان  تيار الباطل قائم على اساس حكم الهوى " وان احكم  بينهم بما انزل الله ولا تتبع اهواءهم" .  فاما ان يكون الحاكم هو الهوى ، او أن يكون حكم الله الذي يبينه الانبياء والرسل والاوصياء والفقهاء.

و اضاف : هذه الآيات تدعم ما ذكره الامام الخميني حول تفسيره للدين. نظرية ولاية الفقيه قائمة على هذا الفهم للدين. الدين هو نظام الحكم ، وان احكامه هي  التي بينها الشارع  وفسرها الفقهاء. هذه هي حقيقة الدين التي كان يؤمن بها الامام . أن التقوى التي كان يتحلى بها الامام في شخصيته، منحته بصيرة نافذة في فهم الدين وفقاً لما نص عليه القرآن الكريم  وسنة رسول الله و آل بيته الاطهار .

و في الختام خلص آية الله الاراكي  للقول : كان الامام يؤمن  بحقانية الله وحتمية الوعود الالهية. و كان و اثقاً من نصر الله  " وكان حقا علينا نصر المؤمنين " .. كان مؤمناً ومجسداً لهذا الايمان ومتيقنا بوعد الله . ومن منطلق ايمانه بالله ويقينه بالنصر الالهي، كانت تنفتح له ابواب النصر المؤزر .