ينشر موقع KHAMENEI.IR الإعلامي نصّ الحوار الذي أجراه مع نائب رئيس مركز «أفق» للدراسات والتحليل السياسي ماجد الشويلي حول أساليب الحل التي قد تؤدّي إلى وقف شلّال الدّم واستمرار إبادة الفلسطينيّين وأن تفرض الضغوط الشاملة على الكيان الصهيوني في مختلف المجالات وبشكل خاص في المجال الاقتصادي، إضافة إلى الأسباب التي أدّت إلى غياب توطّد العلاقات بين الدول الإسلاميّة وتشكيلها تحالفاً مشتركاً للضغط على إسرائيل، والأخطار التي تتربّص بالدول الإسلاميّة التي تلتزم الصمت حيال جرائم الكيان الغاصب.

1ـ  ما أساليب الحلّ التي يمكن أن تؤدّي إلى وقف شلّال الدّم واستمرار إبادة الفلسطينيّين وأن تفرض الضغوط الشاملة على الكيان الصهيوني في مختلف المجالات، وما الإمكانات والقدرات المهمّة التي تملكها الدول الإسلاميّة من أجل ممارسة الضغط على الكيان الصهيوني خاصّة في المجال الاقتصادي؟

بالنسبة إلى الإمكانات والقدرات والأساليب التي تمتلكها الدول الإسلامية والعربية فهي إمكانات وقدرات هائلة وكبيرة ومتعددة والأساليب أيضاً كثيرة، فهناك فتاوى من الحوزات العلمية عند السنة والشيعة طالبت بمقاطعة البضائع والمنتجات والشركات الإسرائيلية والأمريكية والبريطانية وكل الداعمين لإسرائيل. يمكن للدول الإسلامية الإجماع على قطع النفط والغاز عن إسرائيل والولايات المتحدة الأمريكية والدول التي تدعم إسرائيل. يمكن اتخاذ قرار حازم وصارم من «منظمة التعاون الإسلامي» والجامعة العربية بالذهاب إلى مجلس الأمن بالرأي الموحد واستصدار قرار يلزم إسرائيل أن تمتثل لأوامر إيقاف هذه الحرب. وكما قال وزير الخارجية الإيراني أمير عبد اللهيان في قمة الرياض إذ دعا إلى تشكيل لجنة منبثقة من الدول الإسلامية تجمع الانتهاكات والجرائم التي يرتكبها الصهاينة من أجل محاسبتهم وفق القانون الدولي. هذا وغير ذلك يمكن أن يؤدي إلى معاقبة الكيان الغاصب.

2. إنّ إلقاء نظرة على علاقات الدول الإسلاميّة بعضها ببعض يثبت  أنّ هذه الدول شكّلت تحالفاً مشتركاً في بعض المراحل بما يتناسب مع أهدافها. على سبيل المثال، تمكن الإشارة إلى تحالف الدول العربيّة عام 1967 من أجل حظر النفط عن أمريكا وعدد من الدول الأوروبيّة. في الوقت الحالي توجد حاجة ملحّة إلى تشكيل تحالف إسلامي لمنع ارتكاب جرائم الحرب ضدّ الفلسطينيّين في غزّة، فما الأسباب والعوامل التي أدّت إلى غياب قرار تاريخي في هذا الصّدد؟

الأسباب التي أدت إلى غياب الدول العربية مواقف مماثلة لحرب 1967  كثيرة، منها اليوم أن دولاً عدة في المنطقة باتت مطبّعة ومرتبطة بمعاهدات واتفاقات ومصالح اقتصادية وسياسية كبيرة مع الكيان الغاصب. أيضاً بالنسبة إلى قطع النفط، تخشى الدول الضعيفة من مقاطعة الكيان الغاصب لأن البترول سوف ترتفع أسعاره في السوق الدولية، وبالتالي الدول الفقيرة إذا انضمت إلى هذه المقاطعة لن تحصل على التعويضات من الدول الغنية كالسعودية والكويت وقطر وما إلى ذلك. الأسباب الأخرى هي أن الكثير من هذه الدول لا تلجأ إلى المقاطعة لأنها تخشى رد فعل الولايات المتحدة خاصةً أن أموالها في البنوك الأمريكية. هذه من جملة الأسباب التي تمنعهم من اتخاذ موقف موحد لمعاقبة إسرائيل.

3. لطالما كان الاحتلال جزءاً لا يتجزّأ من سياسات الكيان الصهيوني منذ تأسيسه عام 1948، ولهذا تماماً لم تنحصر ممارسات الصهاينة الاحتلاليّة في أرض الفلسطينيّين. إنّ امتداد الكيان من النيل إلى الفرات جزء لا يتجزّأ من فكر الصهاينة. عليه، في حال استمرّ «تكتيف الأيدي» مقابل الصهاينة في قضيّة الحرب ضدّ غزّة، هل سيكون من المحتمل أن تطاول عدوانيّة تل أبيب ورغبتها في الاحتلال سائر الدول التي اكتفت بالإدانة الدبلوماسيّة لممارسات الكيان الصهيوني؟

للأسف الشديد، دول كثيرة خاصة من دول المنطقة ودول الطوق لا تدرك خطورة ما تخطط له إسرائيل والولايات المتحدة، ولا تدرك أهمية الوقوف في وجه الكيان الغاصب والحد من تمدده. لا سمح الله، لو أن إسرائيل اليوم تمكنت من الإجهاز على المقاومة في فلسطين، لانفتحت شهيتها، ثم ستضرب المقاومة في لبنان واليمن، وسوف تعتدي بعد ذلك على سوريا للعمل على تحقيق مشروعها التوسعي الإسرائيلي من الفرات إلى النيل، ثم تهويد المنطقة سياسياً واحتلال أراضٍ واسعة وكبيرة من هذه البلدان، وسوف تعمل على إسقاط أنظمة مناوئة لها في المنطقة. لا سمح الله، لو أن المقاومة جرى تقويضها في فلسطين، فإن هذا الأمر سوف يعزز الإمكانات والهيمنة والقدرة للولايات المتحدة على فرض سياستها وهيمنتها على العالم من جديد وسوف تتفرغ لمواجهة روسيا والصين. لا سمح الله، إن حدث ذلك، فسوف تزداد قدرات إسرائيل وهيمنتها الاقتصادية على مقدّرات المنطقة من النفط والغاز وغيرها... لذلك هذه الدول لا تعي ولا تدرك مخاطر الإجهاز على المقاومة وإنهاء المقاومة في فلسطين.

4. منذ بدء جرائم الكيان الصهيوني ضدّ الفلسطينيّين في غزّة، لم تنفكّ شعوب غالبيّة دول العالم عن التظاهر دعماً لفلسطين. كما قال الإمام الخامنئي: «هزّ أهالي غزّة بصبرهم الضمير البشريّ». بغضّ النظر عن الدور الذي تلعبه الحكومات، ما دور الشعوب في مجال حظر بضائع الكيان الصهيوني وفرض الضغوط الاقتصادية على الكيان عامة؟

نعم، دور الشعوب ونخبها السياسية والدينية والثقافية مهم جداً. هذه المقاطعة وكذلك تعزيز الموقف والوقوف في صف واحد في وجه الكيان الغاصب وضرب مصالحه في المنطقة مهم جداً لأنه يعزز صمود إخواننا في فلسطين، وأيضاً يرغم الشركات في مناطقنا على المغادرة بسبب الخسارات الكبيرة التي تتكبدها، فإذا ما خسرت شركات الصهاينة ولم تروج بضائعها في المنطقة، فسوف يخسرون. هذا لا يمكن لإسرائيل أن تتحمله ولا الولايات المتحدة في هذه الظروف الدولية. لذلك المقاطعة شيء مهم جداً والشعوب يمكنها الضغط سياسياً واقتصادياً، ولا شك في أن التظاهرات تعزز معنويات الشعب الفلسطيني وصموده وأنها تؤثر في الرأي العام الدولي لمصلحة فلسطين. ما ذكره الإمام الخامنئي (أعزه الله) صحيح جداً. إسرائيل اليوم مُنيت بالشرخ الكبير جداً الذي لا يمكن ترميمه وسوف تكون نهايتها - إن ‌شاء ‌الله - قريبة جداً.

5. قال الإمام الخامنئي في لقائه الأخير مع رئيس وزراء العراق: «يستطيع العراق بوصفه دولة مهمة في المنطقة أن يؤدي دوراً مميزاً في الضغط السياسي على أمريكا والكيان الغاصب لإيقاف المجازر بحق أهالي غزة وأن يبني خطّاً جديداً في العالمَين العربي والإسلامي». ما الخطوات التي يمكن للعراق أن يخطوها من أجل تحقيق هذه القضيّة، وما الأمور التي وضعها على لائحة أعماله؟

العراق بدأ يستعيد دوره ومكانته الحيوية في قلب الأمة العربية والإسلامية، فموقعه الإستراتيجي يؤهله للعب دور كبير جداً، فهو في إمكانه أن يدفع بالمنظومة العربية إلى اتخاذ مواقف سياسية صارمة وأن يساهم بتوجيه الضغط الدبلوماسي على الكيان الغاصب في أروقة الأمم المتحدة ومجلس الأمن. العراق بلد مهم في تصدير النفط، ويمكنه خفض الإنتاج وأن يلوّح لبعض الدول كالأردن بضرورة تغيير مواقفها وإلا لن يمنحها ما تحصل عليه من حصص نفطية بأسعار زهيدة. من الممكن في الوقت نفسه أن يتعهد العراق تلبية حاجات مصر وسوريا من النفط لو اتخذت مواقف صارمة ضد الكيان الغاصب وتعرضت إثرها للعقوبات.

أيضاً يمكن للعراق أن يدعو إلى قمة عربية لمقاطعة إسرائيل، وأن يطلب من بقية الدول العربية أن تحذو حذوه وتسن تشريعات كتجريم التطبيع ومساندة ودعم الشعب الفلسطيني، وغيرها من المواقف الكثيرة دعماً للقضية الفلسطينية وشعبنا الفلسطيني المسلم.