في المدينة الاسلامية التقوى تعتبر ثقافة عامة
أشار الامين العام للمجمع العالمي للتقريب بين المذاهب الاسلامية ، الى أن تكليف اقامة حكومة العدل ، من جملة التكاليف الملقاة على عاتق المكلف الرئيس ، لأن المسؤول عنها ليس الفرد الواحد ، بل الروح الجمعي و الشخصيته الاجتماعية للمجتمع .
أفاد ذلك مراسل وكالة انباء التقريب (تنا) ، موضحاً بأن آية الله الشيخ محسن الاراكي شارك في الندوة التي عقدت عصر الاحد تحت عنوان ( فقه أعمار المدن ) بمدينة مشهدة المقدسة بجهود نقابة المهندسين المختصين بتشييد المدن و العمارة الاسلامية الايرانية ، حيث القى كلمة موضحاً بأن ( فقه النظام ) يعد من الموضوعات الجديدة التي يحتاجها المجتمع ، و أن فقه اعمار المدن يعتبر احد مباحث فقه النظام ، لافتاً الى أنه حاول في مقدمة كتاب ( الفقه السياسي ) توضيح الى حد ما التباين بين فقه النظام و الفقه الفردي .
و أشار آية الله الاراكي الى أن الفقه علم يطلق على موضوع استنباط احكام افعال المكلفين من ادلة الاحكام ، مضيفاً : لدينا نوعين من المكلفين ، الاول الملكف الفرد و يشمل افراد المجتمع البشري ، حيث يتناول الفقه هنا مسائل نظير : الصلاة واجبة ، و شرب الخمر حرام ، و غير ذلك من المسائل المرتبطة بالفرد شخصياً . و في المقابل لدينا مكلف من نوع آخر ، مكلف عبارة عن كيان حي ذو شخصية مسؤولة ، و هذا الكيان هو المجتمع .
و تابع سماحته : في مصادرنا الدينية ثمة مكلف مسؤول افضل من المكلف الفرد و هو المجتمع . احياناص لا يصدر تقصير عن افراد المجتمع في اداء التكاليف ، و الفرد نفسه يعتبر مطيعاً ملتزماً ، غير أن الملكف الاكبر لا ليس مطيعاً و يعتبر متمرداً . و توجد احاديث تشير الى أن المجتمع يعذب احياناً نتيجة أن الجهاز الحاكم في هذا المجتمع جهاز ظالم .
و أوضح آية الله الاراكي : أن احد تكاليف المكلف الرئيس يتمثل في تكليف اقامة حكومة العدل ، ذلك أن اقامة حكومة العدل من جملة التكاليف المسؤول عنها الروح الجمعي و الشخصية الاجتماعية للمجتمع .
و في معرض اشارته الى الآية 25 من سورة الحديد ، حيث يقول عزّ من قائل : " لقَدْ أَرْسَلْنَا رُسُلَنَا بِالْبَيِّنَاتِ وَأَنزَلْنَا مَعَهُمُ الْكِتَابَ وَالْمِيزَانَ لِيَقُومَ النَّاسُ بِالْقِسْطِ " ، يوضح آية الله الاراكي : أن الشخص المكلف بارساء هذا القسط الاجتماعي هم الناس ، أي أن المجتمع هو المكلف بإقامة القسط ، و ان المجتمع بدوره يتألف من الامام و الامة ، و لهذا أحياناً لا يعتبر الامام مقصراً ، بل المقصر هي الامة .
و لفت آية الله الاراكي الى أن هناك فقه يسمى بالفقه الرئيس ، و أن المكلف بالفقه الرئيس هو المجتمع . مضيفاً : ان الفقه الخاص بتشييد المدن و اعمارها يعد احد أفرع الفقه الرئيس ، و ان المكلف بذلك هو الروح الجمعي لمجتمع المدينة . و بطبيعة الحال ان اداء التكاليف الخاصة بالمكلف الرئيس يقع على عاتق الحاكم و كبار المسؤولين .
و أضاف سماحته : المدينة عبارة عن كائن حي ، لها شخصيتها الخاصة بها ، و لها مسوؤلياته ، و ينبغي لها توفير الاجواء المعيشية التي تتناسب معها .
و أشار آية الله الاراكي الى خصائص المدينة الشرعية قائلاً : المدينة الشرعية عبارة عن موجود يحتل المكان الذي يليق به بالنسبة لما يصطلح عليه بالمدينة ، و حينها يمكن التحدث عن وجود مدينة اسلامية .
و تابع سماحته : أن فقه نظام تشييد المدن و اعمارها ، ليس له اية علاقة بالقضايا العلمية الخاصة بالعمارة . ذلك ان فقه نظام المدن عبارة عن واجهة ، و لابد من مراعاة معايير هذه الواجهة بالكامل .
و اضاف آية الله الاراكي : أن الفقه الخاص بتشييد و اعمار المدن يتناول مختلف الموضوعات ، نظير المسافات بين المدن ، و تركيبة المباني ، و ارتفاعها ، و توجهات الساكنين فيها ، و موقع المسجد ، و اماكن الخدمات العامة ، كل ذلك يمكن استنباطه من المصادر الفقهية .
و أوضح سماحته : في المدينة الاسلامية تعتبر التقوى ثقافة عامة ، و ان العالم الذي يحيا فيه ابناء المدينة عالم يتسم بالتقوى .