ـ(225)ـ
لهم كلّ عام بدعة يحدثونها ــــــ أزلوا بها أتباعهم ثم أوحلوا
تحل دماء المسلمين لديهم ــــــ ويحرم طلع النخلة المتهدل
ما أروع هذا البيت الأخير، الذي يصور وضع طواغيت العالم الإسلامي في كلّ زمان ومكان يستهينون بدماء المسلمين، وليست لنفس المسلم عندهم أية كرامة، لكنهم يطالبونه بأداء ما فرضوا عليه من ضرائب وخراج، ولا يحق لـه أن يمشي بين نخله، ويمسه حتّى يؤدي خراجه، فأن هو مسه قبل ذلك قتل.
ومثل هذا الدفاع عن حقوق الأمة المضيعة نجده عند جميع شعراء الشيعة.. دفاعاً ينطلق من إيمان بما أراده الله للإنسان المسلم، من عزة وكرامة وحقوق فردية واجتماعية.
وهذا التصدي للدفاع عن الأمة، عرضناه في شعر الكميت وهو يقارع الأمويين، ونعرض بعض أبيات شاعر شيعي آخر، هو أبو فراس الحمداني، وهو يدافع عن حقوق الأمة أمام ظلم حكام زمانه من العباسيين يقول:
الدين مخترم والحق مهتضم وفيء آل رسول الله مقتسم
والناس عندك لاناس فيحفظهم سوء الرعاء، ولا شاء ولا نعم...
وما السعيد بها إلاّ الذي ظلموا ولا الغني بها إلا الذي حرموا
للمتقين من الدنيا عواقبها وإن تعجل فيها الظالم الأثم(1)
وفي البيت الأخير، حث لأهل الإيمان أن لا ييأسوا من مطالبة حقهم، ومن مقارعة الظالمين.
[إنّ الأرض لله يروثها من يشاء من عباده والعاقبة للمتقين](2).
الصمود على المبدأ
مر بنا أن شعراء الشيعة كانوا يعلنون رساليتهم، والتزامهم بإسلام رسول الله، من خلال إعلانهم الولاء لآل البيت، والدفاع عن كرامة الأمة المسلمة. وهذا الموقف كلف
__________________________________
1 ـ ديوان الأمير أبي فراس الحمداني، تحقيق الدكتور محمّد التونجي: 258.
2 ـ الأعراف: 128: