ـ(224)ـ
فتلك أمور الناس أضحت كأنها ـــــ أمور مضيع آثر النوم بهل (1)
فياساسة هاتوا لنا من جوابكم ــــــ ففيكم لعمري ذو أفانين مقول
أهل كتاب نحن فيه وأنتم ــــــ على الحق نقضي بالكتاب ونعدل
فكيف، ومن أنى، وإذ نحن خلفه ــــــ فريقان شتى تسمنون ونهزل
لنا راعيا سوء مضيعان منهما ــــــ أبو جعدة العادي وعرفاء جيال (2)
أتت غنماً ضاعت وغاب رعاؤها ــــــ لها فرعل، فيها شريك وفرعل(3)
ويؤكد الشاعر ثانية على منطلقه الرسالي في الدفاع عن الأمة، حين يعود ثانية إلى القول بأن هذه الأمة لا تصلح أوضاعها، إلاّ بإصلاح دينها، والعودة إلى هدى كتاب ربها وسنة نبيها، يقول:
أتصلح دنيانا جميعاً وديننا ــــــ على ما به ضاع السوام الموبل (4)
كان كتاب الله يعنى بأمره ــــــ وبالنهي فيه الكودني المركل(5)
ألم يتدبر آية فتدله ــــــ على ترك ما يأتي، أم القلب مقفل
وكيف يمكن العودة إلى إسلام رسول الله، وهؤلاء الولاة الظلمة يسومون الأمة سوء العذاب؟:
فتلك ولاة السوء قد طال ملكهم ــــــ فحتام حتام العناء المطول
رضوا بفعال السوء في أهل دينهم ــــــ فقد أيتموا طوراً عداء وأثكلوا..
__________________________________
1 ـ يقول: أمور الناس مهملة مبعثرة لا مدبر لها. فأمورهم كالإبل المهملة التي لا قيم لها ولا راعي يحفظها.
2 ـ راعيا سوء: يعني هشاماً بن عبد الملك الخليفة، وخالد بن عبدالله القسري والي العراق. ويقصد بالذئب هشاماً، والقرفاء: الضبع، ويقصد به خالداً. وقله جيال: أي كبير.
3 ـ أي أتت الضبع غنما لا راعي لها، ولا مانع يمنعها فعاثت فيها والفرعل: ولد الضبع.
4 ـ السوام الموبل: ما رعي من المال. يقول: أتصلح الدنيا والدين، وأنتم تمارسون الجور والفساد، وتضيعون الثروات؟
5 ـ الكودني: البليد كأنه كودن، أي برذون. والمركل: الذي لا يتحرك إلاّ بالركل لشدة تثاقله بوطئه.