ـ(223)ـ
الحكام. وهذا الاتجاه في الشعر الشيعي يعني أنّه ابتعد عن المصالح الفئوية والحزبية، وحمل هموم الأمة، وارتفع إلى مستوى أهداف الإسلام في ردع الظلم، وإحقاق الحق، وإقامة المجتمع العادل.
ولعل خير مثال على هذا الاتجاه في الشعر الشيعي ـ لأمية الكميت (1) ـ التي يبدؤها بتوعية الأمة وإيقاظها فيقول:
ألا هل عم في رأيه متأمل ـــــ وهل مدبر بعد الإساءة مقبل
وهل أمة مستيقظون لرشدهم ـــــ فيكشف عنه النعسة المتزمل
فقد طال هذا النوم واستخرج الكرى ــــــ مساويهم لو أن ذا الميل يعدل

ثم يذكر الشاعر منطلقه في ثورته على واقعه الاجتماعي المنحرف، موضحاً أن سبب ما يعج به المجتمع الإسلامي في عصره، من ظلم وفساد، إنّما هو الانحراف عن الكتاب والسنة، وتعطيل أحكام الإسلام.
وعطلت الأحكام حتّى كأننا ـــــ على ملة غير التي نتخل
كلام النبيين الهداة كلامنا ـــــ وأفعال أهل الجاهلية نفعل
أنظر إلى الشاعر كيف يحدد منطلقه في الدفاع عن الأمة، إنه يدين العودة إلى مظاهر الجاهلية، باعتبارها سبب كلّ انحراف ثم يندفع الشاعر في حث الأمة على استعادة كرامتها، وعدم الالتصاق بالأرض، والمتاع الدنيوي الرخيص، والارتفاع إلى مستوى التضحية في سبيل المبدأ يقول:
رضينا بدنياً لا نريد فراقها ـــــ على أننا فيها نموت ونقتل
ونحن بها المستمسكون كأنها ـــــ لنا جنة مما نخاف ومعقل
أرانا على حب الحياة وطولها ـــــ يجد بنا في كلّ يوم ونهزل
ثم يرفع صوته بوجه الظالمين، مندداً بما ينزلونه من عذاب بالأمة ومن استهانة بكرامتها وتضييع لحقوقها:
__________________________________
1 ـ انظر: شرح هاشميات الكميت: 146 ـ 187 وهي 111 بيتاً.