ـ(200)ـ
أن يقال: وأنيبوا إليه، والوجه فيه: الإشارة إلى التعليل، فإن الملاك في عبادة الله سبحانه صفة ربوبية)(1).
الفرق بين التوبة والإنابة:
ليس المقصود من الفرق بين التوبة والإنابة هو الفرق اللغوي أو الاصطلاحي بقدر ما هو فرق من حيث مقامات السالك ودرجات سيره إلى الله تبارك وتعالى؛ لأن تنقل العبد من مقام إلى مقام هو في الحقيقة: صعود وترق في سفره إلى الله جل جلاله.
قال جمال العارفين أبو عبدالله محمّد بن علي، المعروف بابن العربي: (السفر: عبارة عن القلب إذا أخذ في التوجه إلى الحق تعالى بالذكر)(2).
وهذا السفر والتوجه هو الذي يحدد حالة العبد إذا كان تواباً أو منيباً.
قال الإمام أبو عبدالله الصادق ـ عليه السلام ـ: "إذا تاب العبد توبة نصوحاً أحبه الله، فستر عليه في الدنيا، فقلت: وكيف يستر عليه ؟ قال: ينسي ملكه ما كتب عليه من الذنوب، ويوحي إلى جوارحه: اكتمي عليه ذنوبه، ويوحي إلى بقاع الأرض: اكتمي ما كان يعمل عليك من الذنوب، فيلقى الله حين يلقاه وليس شيء يشهد عليه بشيءٍ من الذنوب"(3).
والحديث يكشف لنا حقيقة التوبة النصوح التي تؤهل الإنسان السالك إلى أن يصل درجة الإنابة التي هي ـ بلا شك ـ درجة ومنزلة تختلف كلياً عن منزلة التوبة، فالتوبة هي: (ترك الذنب على أجل الوجوه وهو أبلغ وجوه الاعتذار)(4).
وهي توثيق العزم على ترك الذنب وعدم العودة إليه والفورية في هذا الترك.
قال ابن عباس (رضي الله عنه): (التوبة النصوح: الندم بالقلب، والاستغفار باللسان،
__________________________________
1 ـ الميزان للعلامة الطباطبائي 17: 28.
2 ـ اصطلاحات الصوفية الواردة في الفتوحات المكية (السفر).
3 ـ أصول الكافي 2: 314 باب التوبة.
4 ـ معجم مفردات القرآن للأصفهاني: 72.