ـ(86)ـ
في ذلك أمثال وأقوال لهم من المصادر. ولنا في هذا المجال كلام طويل نضرب عنه صفحاً.
رابعاً: قال الدكتور الباحث بعد الحديث عن تدوين الأحاديث: (إنّها من ناحية أهل السنة، فمع وجود بعض المشاكل لا نجد هنا جهة غامضة غير معلومة أمام الرأي العام، ولكن إذا نظرنا من ناحية الشيعة نشاهد هناك منظراً يختلف تماماً عن المنظر الأول... إلى آخر ما قال في هذا المجال).
أقول: إنّ المشاكل في حديث أهل السنة ليست بأقل من المشاكل في حديث الشيعة لو لم تكن أكثر، وأنا ألخصها بشكل مفهرس:
1 ـ عدم الوثوق بصدق وضبط كثير من الصحابة من رواة الأحاديث، ولا سيما أنهم لم يكونوا جميعاً من خاصة النبي الملازمين لـه ، ولم يكتبوا الحديث حين ذاك، وإنّما كان الحديث محفوظاً في الصدور، على أنّ هنالك مشكلة أخرى هي: مشكلة من هو الصحابي؟(1) وقد بحثوا حولها طولاً.
2 ـ المنع من ضبط الحديث ونقله، وكان هذا المنع من قبل الخليفة الثاني، ودام حتى نهاية فترة بني أمية(2)، وهذا المنع أوجب ذهاب شطرٍ كبيرٍ من السنة، كما أوجب الخلط بينها.
3 ـ إنّ كتابة الحديث ـ كما هي ثابتة عند الجميع ـ بدأت في القرن الثاني وبشكلٍ متفرق، وفي بلدان بعيدة بعضها عن البعض الآخر، ولم تكن كتابة الحديث حين بدأت بشكل جماعي، ولا على شكل لجان يشترك فيها الخبراء بالحديث، بحيث يعرض حديث بعضهم على بعض، ويقاس حديث بعضهم ببعض. نعم، اتفق بعض ذلك في زمن متأخر.
4 ـ شيوع الكذب حتى في عصر النبي ـ صلى الله عليه وآله ـ حيث قام خطيباً، وقال: "لقد كثرت علي الكذبة" فمن كذب علي متعمداً فليتبوأ مقعده من النار" (3). على اختلاف في متن الحديث.
وهذا الحديث ـ كما ذكره العلامة ابن الجوزي في مقدمة كتابه"الموضوعات" ـ (4)
__________________________________
1 ـ صحيح البخاري 3: 85، وصحيح مسلم 1: 230، باب الجنة ونعيمها، والتبصير: 24.
2 ـ الإصابة في معرة الصحابة 1: 10.
3 ـ مستدرك الصحيحين 3: 262 و280 وج 1: 77.
4 ـ المنتظم في تاريخ الأمم والملوك لابن الجوزي: 187، واللئالي المصنوعة في الأحاديث الموضوعة للسيوطي 1: 379، وسنن أبي دواد: باب السنة: 8.