ـ(87)ـ
حديث متواتر، منقول عن كثيرٍ من الصحابة يقارب عددهم واحداً وستين شخصاً، وهو الحديث الوحيد الذي رواه العشرة المبشرة من الصحابة على ما ذكره ابن الجوزي في كتابه.
فمع علمنا بوجود الكذب في الأحاديث المروية عن النبي ـ صلى الله عليه وآله ـ وبهذا الحجم الكبير ـ كما هو مفهوم من هذا الحديث، وكما صرحت به كتب الموضوعات ـ فكيف نثق بعد ذلك بما جمع في الصحاح بعد فترة ثلاثة قرون، بل وحتى فيما دون في القرن الثاني مثل: كتاب "الموطأ" للإمام مالك بن أنس !! وفيه أحاديث مرسلة ؟!
5 ـ شيوع الإسرائيليات قبل عصر تدوين الحديث بين التابعين، وحتى بين بعض الصحابة أمثال: ابن عباس، وأبي هريرة (1)، وصعوبة التمييز بعد ذلك بينها وبين غيرها، حيث ملأت هذه الإسرائيليات كتب الحديث والتفسير والتاريخ. فما ذكرناه يتعلق بمشاكل الحديث عند أهل السنة.
أما بالنسبة إلى الحديث عند الشيعة: فالأمر أسهل من هذا بكثير؛ للأسباب التالية:
1 ـ إنّ الإمام ـ في اعتقاد الشيعة ـ معصوم عن الخطأ والكذب، وقد ثبت ذلك عندهم بأدلة: منها: حديث الثقلين، وفيه: أنّ النبي ـ صلى الله عليه وآله ـ أمر الناس بالرجوع إلى العترة بعده، وجعلهم عدل الكتاب(2)، فكما أنّ الكتاب مصون عن الخطأ فكذلك العترة، إضافةً إلى نقاط كثيرة يمكن استنباطها من هذا الحديث.
2 ـ إنّ القسط الأكبر من أحاديث الفقه والتفسير وغيرها رويت عن الإمامين: محمّد الباقر وجعفر الصادق ـ الإمامين: الخامس والسادس ـ ثم الأئمة من بعدهما، وكان ذلك في عصر التدوين، وقد كتبت ـ من دون فاصل زمني في ما يقارب من أربعمائة أصل ـ من قبل العلماء(3) الذين لازموا هؤلاء، الأئمة وعلم الأئمة مأخوذ عن أجدادهم
__________________________________
1 ـ تهذيب التهذيب 7: 339، والمستدرك على الصحيحين 3: 149.
2 ـ ينابيع المودة للقندوزي 3: 35 نقلاً عن الديلمي.
3 ـ انظر الإلماع: 147، وعلوم الحديث لابن الصلاح: 181، وتدريب الراوي: 285.