ـ(84)ـ
في كتاب خاص.
ثالثاً: طرح الأستاذ مسألة عدالة الصحابة، وقارن بين رأي الجمهور ورأي الإمامية في هذا المجال، وذكر أدلة الطرفين، مراعياً جانب الأمانة والإنصاف مشكوراً وإني باعتباري من دعاة الوحدة الإسلامية لا أحب الخوض في هذه المسألة التي تثير العاطفة والحساسية، ولربما تنتهي إلى النزاع والفتنة، حيث لا موجب لـه في هذا العصر، ونترك ذلك في ذمة التاريخ، ولكن أشير، ولكن أشير إلى بعض نواحي البحث بصورة موجزة لا تمس كرامة الصحابة، بل لعلاقة وثيقة بينها وبين اعتبار ما يروى عنهم من السنة النبوية.
1 ـ إنّ عدالة الصحابة ـ كما يظهر لنا من سير الحوادث والفتن التي حدثت بعد وفاة النبي ـ صلى الله عليه وآله ـ لم تكن مطروحة على بساط البحث، ولا معترفاً بها حتى عند الصحابة أنفسهم، ولا حتى في عصر التابعين، وإنّما طرحت المسألة في أزمنة متأخرة(1)، ولا يعلم مبدؤها بالضبط.
والشاهد على قولنا هو: كثرة ما حدث بينهم من الخصومات واللعن والقتال، وتوجيه التهم من قبل بعضهم للبعض الآخر، وقد نقلت كل هذه الأمور الكتب الخاصة بالتاريخ الإسلامي، وهي على كثرتها لا يجوز توجيها بالاجتهاد، فإن الاجتهاد ينبغي أنّ لا يبعث على الخصومة واللعن والبراءة(2).
2 ـ أظن أنّ مسألة عدالة الصحابة قد طرحت بين الفقهاء في زمن متأخر للوصول إلى هدفين مهمين:
الهدف الأول: طلباً للمصالحة بين فرق المسلمين المتخاصمة، والمحافظة على كرامة الصحابة الذين وقعت بينهم تلك المشاجرات؛ كي يرتفع الخلاف بين أتباعهم الذين فرقت بينهم تلك الأحداث المشؤومة، حيث وقفت كل فرقة تدافع عن مجموعة من الصحابة وتبرر لهم أعمالهم.
__________________________________
1 ـ الإحكام في أصول الأحكام للآمدي 1: 320، والدار قطني في غرائب مالك، ومنهاج السنة لابن تيمية 3: 191 ـ206.
2 ـ الدار قطني في غرائب مالك، مسألة عدالة الصحابة.