ـ(83)ـ
هذا الحديث كذلك في كتاب "مفتاح كنز السنّة" تحت كلمة "العترة"، وهذا الكتاب هو فهرس لأربعة عشر كتاباً من كتب أهل السنة، وقد روى هذا الحديث جمع غفير من الصحابة.
وإنّي لست بصدد إثبات هذا الحديث وإقناع الاخوة الحضور بصحّته الآن، بل أريد التنبيه على الخلط الذي وقع في كلام الأستاذ، حيث خلط بين الجانبين، والفرق بينهما واضح، فحديث الغدير يشير إلى الجانب السياسي والخلافة. وأما حديث الثقلين فيرمي إلى إثبات المرجعية العلميّة لعترة النبي صلى الله عليه وآله.
إذن، الحديث عند الشيعة الإمامية ـ وأعني به: حديث الأئمة ـ يستمد شرعيته وحجيته من حديث الثقلين وغيره، وللتنبية على هذين الجانبين ـ أي: القيادة السياسية والعلمية معاً ـ تطلق الطائفة الإمامية بدل عنوان"الخلافة" وصف"الإمامة" على الأئمة، فإن عليا عندهم ليس حاكماً سياسياً فحسب، بل هو إمام في جميع الجهات التي تحتاج إليها الأمة.
ثانياً: قال الأستاذ: (أما حادثة "غدير خم" فلا أصل لها في الواقع، بل اخترعت لإثبات أنّ عليا هو الذي عين خليفة من قبل النبي ـ صلى الله عليه وآله ـ
أقول: لو اطلع الأستاذ على المؤلفات في الإمامة عند الفريقين وخاصة كتاب "الغدير" لعلم: أنّ كثرة طرق إسناد هذا الحديث ليست قابلة لتحمل نسبة الوضع إلى هذا الحديث، وقد اعترف بصحته كثير من أعلام السنة المتقدمين، ومن المتأخرين: الأستاذ الشيخ محمّد أبو زهرة في كتابه "سيرة النبي"، وكذلك الدكتور طه حسين في مطاوي كتابه "علي وبنوه".
وقد جمع العلامة الأميني ـ صاحب كتاب "الغدير" ـ نصوصاً كثيرةً من أعلام السنة تؤيد صحة هذا الحديث، ولكن هناك بحثاً في مغزى الحديث وما أريد به.
وينبغي التنبيه هنا على أمر وهو: أنّ الإمامية يأخذون بالرواية الواردة عن طريق أهل السنة عن النبي ـ صلى الله عليه وآله ـ إذا صح طريقها عندهم، كما يأخذون بروايات العترة بلا فرق وهناك أمر آخر وهو: أنّ كثيراً من أحاديث الأئمة الموجودة في كتب الإماميّة ينتهي سندها إلى النبي ـ صلى الله عليه وآله ـ مباشرةً عن طريق العترة، وقد جمعت هذه الروايات النبوية