ـ(57)ـ
الحقائق، وفي رأسها: الإيمان بالله، وقدرته ووحدانيته، وهو الدين الذي طلب من الإنسان أنّ ينطلق إلى الإيمان من الدليل والبرهان. ولذلك دعا إلى إعمال العقل والتفكر به، وذم الّذين يهملون عقولهم، ويعطلون نعمة الله فيهم، ويلوذون بتبعية أو تقليد من غير تفكر ولا نظر. وإنك لتجد ذلك واضحاً في الأمور التالية.:
أوّلاً: لقد طلب القرآن الكريم من الإنسان أنّ يتفكر فيما يدعى إليه: إما منفرداً بنفسه، وإما مجتمعاً مع أناس آخرين. قال الله تعالى: [قل إنّما أعظكم بواحدة أنّ تقوموا لله مثنى وفرادى ثم تتفكروا ما بصاحبكم من جنة إنّ هو إلاّ نذير لكم بين يدي عذاب شديد](1).
ثانياً: لقد امتدح القرآن الكريم المتفكرين، ووصفهم بأنهم هم أرباب العقول. قال تعالى:
[إنّ في خلق السموات والأرض واختلاف الليل والنهار لآيات لأولي الألباب j الّذين يذكرون الله قياماً وقعودا وعلى جنوبهم ويتفكرون في خلق السموات والأرض] (2).
ثالثاً: لقد عد القرآن الكريم الّذين لا يتفكرون فيما يلقى إليهم ولا يعملون فيه عقولهم عدهم كالبهائم. قال تعالى:[ ومثل الّذين كفروا كمثل الذي ينعق بما لا يسمع إلاّ دعاء ونداء صم بكم عمي فهم لا يعقلون] (3).
[ولقد ذرأنا لجهنم كثيراً من الجن والإنس لهم قلوب لا يفقهون بها ولهم أعين لا يبصرون بها ولهم آذان لا يسمعون بها أولئك كالأنعام بل هم أضل أولئك هم الغافلون](4).
رابعاً: لقد ذم القرآن الكريم التقليد الأعمى، وهو: أنّ يتبع غيره من غير
___________________________________________
1 ـ سبأ: 46.
2 ـ آل عمران: 190 ـ 191.
3 ـ البقرة: 171.
4 ـ الأعراف: 179.