ـ(182)ـ
العلماء المسلمين الّذين يراد لهم الانفتاح على وجهات النظر المختلفة بين المسلمين فكرة ومنهجاً ودليلاً، بل يمتد إلى الواقع الإسلامي الاجتماعي العام في الخطاب التربوي والوعظي والتوجيهي، بحيث تنطلق مفرداته في تحريك العناوين المشتركة بين المسلمين في العبادات والمعاملات والعلاقات، وفي خطوط العقيدة وحركة المنهج إلى جانب العناوين المذهبية الخاصة ليتعرف الناس على عمق الصفة الإسلاميّة الجامعة بينهم في خطوطها العامة، قبل أنّ يتعرفوا على ملامح الصفة المذهبية؛ لأن فائدة هذا الأسلوب أنّه يثقف الناس بأن التنوع لا ينافي الوحدة، وأن الوحدة في القاعدة الفكرية لا تتنكر للتنوع في التفاصيل، وليتعلم هؤلاء كيف يتقبلون الموعظة العامة من الشخصية المنتمية إلى هذا المذهب، ومن الشخصية الأخرى المنتمية إلى المذهب الآخر، من دون تعقيد نفسي، كما ينفتحون على إيجابيات هذا الفريق وذاك الفريق، فإن الموقف الرافض للشرعية في موقع هذه الجهة لا يمنع من الانفتاح عليها بطريقة منفتحة بما يتصل بالمواعظ المشتركة، والأخلاق القويمة العامة ن والمواقف الصحيحة ولو بشكل جزئي.
إننا نلاحظ أنّ هناك خطة تجهيلية في التربية المذهبية الإسلاميّة تخطط لإبعاد المسلمين عن بعضهم بالتأكيد على موقع الخلاف بدلاً من مواقع الوفاق، وبالتركيز على السلبيات بشكل مطلق في تقديم صورة الفريق الآخر بطريقة مشوهة، مع التركيز على الإيجابيات المطلقة في تقديم صورة الفريق الملائم بطريقة محببة، وتمنع الأحاديث التي تفتح الوعي المتوازن على الآخر، الأمر الذي أدى إلى أنّ لا يعرف المجتمع السني إلاّ القليل عن الشيعة، كما لا يعرف المجتمع الشيعي إلاّ القليل عن السنة، مما يفتح المجال للخرافات التصورية أنّ تنفذ إلى الوجدان الشعبي في نظرته إلى خط التسنن أو التشيع بطريقة منحرفة، وتدفع باتهامات التكفير والضلال التي تحركها الاتجاهات المتعصبة أو المتخلفة، أو الأجهزة المخابراتية الكافرة والمستكبرة والضالة، من دون أنّ تجد أية ردة فعل ضد هذا الأسلوب العدواني.