ـ(58)ـ
أفاده الشيخ الأنصاري ـ رحمه الله ـ في رسالته الموضوعة في الاجتهاد والتقليد، من دعوى الاتفاق على عدم الجواز؛ لانصراف الإطلاقات الدالة على جواز التقليد عمن له ملكة الاجتهاد، واختصاصها بمن لا يتمكن من تحصيل العلم بها.
وقد فصل المحقق القمي صاحب(القوانين المحكمة) بين القادر على أعمال الملكة وغير القادر، فأجاز للثاني أن يقلد غيره، فقال:(ودليل المانع للمجتهد من التقليد مطلقاً وجوب العمل بظنه إذا كان له طريق إليه إجماعاً، خرج العامي بالدليل، وبقي الباقي، وفيه منع الإجماع فيما نحن فيه، ومنع التمكن من الظن مع ضيق الوقت، فظهر أن الأقوى الجواز مع التضييق واختصاص الحكم به)(1).
ويقول السيد الخوئي ـ رحمه الله ـ معلقاً على كلام الشيخ الأنصاري رحمه الله:(وما أفاده ـ قدس سره ـ هو الصحيح؛ وذلك لأن الأحكام الواقعية قد تنجزت على من له ملكة الاجتهاد بالعلم الإجمالي، أو بقيام الحجج والأمارات عليها في محلها، وهو يتمكن من تحصيل العلم بتلك الطرق، إذا لابد له من الخروج عن عهدة التكاليف المتنجزة في حقه، ولا يكفي في ذلك أن يقلد الغير، إذ لا يترتب عليه الجزم بالامتثال)(2).
والظاهر أن بناء العقلاء في مجال رجوع الجاهل إلى العالم يشمل حالة المجتهد الذي يمنعه مانع من الاستنباط: كضيق الوقت وغيره، ويتجلى هذا بشكل أكثر وضوحاً فيما لو افترضنا وجود مساحة كبرى لم يستطع استنباطها بعد.
اعتبار الأعلميه في المقلد
والمراد بالأعلمية هو: أن يكون صاحبها أقوى من غيره في مجالات
_______________________________________
1 ـ التنقيح في شرح العروة الوثقى،(الاجتهاد والتقليد): 30.
2 ـ القوانين المحكمة 2: 163.