ـ(23)ـ
كذلك لا مجال للوحدة في نظر القرآن بين الطغاة والمساكين، والمستكبرين والمستضعفين، والظالمين والمظلومين في مجتمع واحد حقيقي، فقد يجمعهم ـ أيضاً ـ مكان واحد ووطن واحد، ولكنهم ليسوا مجتمعا واحدا في نظر الإسلام، بل يتحول المجتمع إلى مجتمع متمزق في واقعه: (إن فرعون علا في الأرض وجعل أهلها شيعا يستضعف طائفة منهم يذبح أبناءهم ويستحيي نساءهم إنه كان من المفسدين)(1).
بل أن الإسلام فرض القتال على المستضعفين عندما يكونون قادرين على ذلك، والقتال هو النزاع والاختلاف والفرقة:
(اذن للذين يقاتلون بأنهم ظلموا وإن الله على نصرهم لقدير_ الذين أخرجوا من ديارهم بغير حق إلاّ أن يقولا ربنا الله ولولا دفع الله الناس بعضهم ببعض لهدمت صوامع وبيع وصلوات ومساجد يذكر فيها اسم الله كثيراً ولينصرن الله من ينصره إن الله لقوي عزيز)(2).
(وما لكم لا تقاتلون في سبيل الله والمستضعفين من الرجال والنساء والولدان الذين يقولون ربنا اخرجنا من هذه القرية الظالم أهلها وأجعل لنا من لدنك وليا واجعل لنا من لدنك نصيراً)(3).
ومن هذا المنطلق نجد القرآن الكريم عالج بشكل خاص قضية الوحدة، والاختلاف بين المسلمين وأهل الكتاب(أهل الديانات الإلهية) باعتبار توفر القاسم المشترك بينها. فإن القرآن الكريم في البداية قد دعا أهل الكتاب إلى دين الحق ـ وهو: الإسلام ـ وحثهم على الدخول فيه:
(يا أهل الكتاب قد جاءكم رسولنا يبين لكم كثيراً مما كنتم تخفون من
_________________________________________
1 ـ القصص: 4.
2 ـ الحج: 39 ـ 40.
3 ـ النساء: 75.