ـ(22) ـ
أساس الأمرين التاليين:
الأول: الإيمان بالله تعالى والوحي والرسالات واليوم الآخر.
الثاني: القبول بالعزة والكرامة الإنسانية، واحترام الإنسان وحريته في العقيدة والفكر والعمل.
ولذا فلا مجال للوحدة في نظر القرآن الكريم بين المؤمنين والكافرين في مجتمع واحد حقيقي، فقد يجمعهم مكان واحد ووطن واحد ويكون بينهم(الهدنة)، ولكنهم لا يمكن أن يكونوا مجتمعاً واحداً من وجهة نظر الإسلام. فلا يمكن في الوحدة التنازل عن هذا الأمر؛ لأن الشرك ظلم عظيم، ويغفر كل ذنب دونه:
(إن الله لا يغفر أن يشرك به ويغفر ما دون ذلك لمن يشاء ومن يشرك بالله فقد افترى إثما عظيما)(1).
وبالتالي فهو يجعل حاجزاً نفسياً وتناقضاً اجتماعياً وظلماً لا يمكن التجاوز، بل يمثل التمزق والاختلاف بين الناس على أساس التعدد من التدمير، بخلاف التوحيد الذي يمثل الوحدة الحقيقية.
(قد كانت لكم أسوة حسنة في إبراهيم والذين معه إذ قالوا لقومهم إنا برءاؤا منكم ومما تعبدون من دون الله كفرنا بكم وبدا بيننا وبينكم العداوة والبغضاء أبداً حتى تؤمنوا بالله وحده...)(2).
ولاشك أن هذا الموقف الذي يذكره القرآن لإبراهيم وأتباعه من أجل التأسي به يجسد هذه النظرية القرآنية للوحدة، ولكنه موقف إنما يتم اتخاذه بعد إقامة الحجة والبلاغ بالحكمة والموعظة الحسنة.
(يا أيها الذين آمنوا لا تتخذوا آباءكم وإخوانكم أولياء إن استحبوا الكفر على الإيمان ومن يتولهم منكم فأولئك هم الظالمون) (3).
_________________________
1 ـ النساء: 48.
2 ـ الممتحنة: 4.
3 ـ التوبة: 23.